القمة الأزمة

TT

بعد ثمانية اسابيع تقريبا تعقد قمة عربية أخرى إلا انها هذه المرة ستكون مختلفة عن كل القمم الماضية. السبب ان القمة في أزمة قبل ان تبدأ، وأزمتها لأنها تعقد في العاصمة السورية، وفق الترتيب الأبجدي الذي ينقل القمم دوريا كل سنة إلى عاصمة عربية. ويرتاب السوريون في مؤامرة لمنع عقد القمة، أو نقل مقرها، عقوبة على موقفهم في لبنان الموالي لحزب الله وبقية فريق 8 آذار، واتهامات بتورطهم في اغتيالات لبنان، وأنهم وراء انقلاب حماس في غزة.

وسبق لنائب الرئيس السوري فاروق الشرع أن هدد الدول التي لا تحضر بأنها «ستندم»، وكانت تلك فلتة من فلتات الشرع العديدة، ويقال انه منع بعدها من التصريح وإلقاء الخطب الشفهية بعد ذلك الخطاب الذي هاجم فيه أيضا السعودية ومصر والأردن بشكل صريح، وقد اضطرت القيادة السورية الى الاعتذار الى الحكومات عن إساءات الشرع.

السوريون هذه المرة على حق في ان يصروا على حقهم في ان تعقد القمة في موعدها ومكانها، وذلك احتراما للعهود. أيضا عقدها في دمشق سيحول دون تدهور الاوضاع التي من المؤكد أنها ستسوء إن لم تعقد. وليس من قبيل الخوف من دمشق فقط، بل ايضا من ضرورات العمل السياسي الذي يتطلب مناقشات اكثر ان تكون هناك قمة ولقاءات متعددة عسى ان تجد الأطراف المختلفة في السجالات حلا يوقف التدهور شبه المحتوم في لبنان. وسبب الأزمة ان معظم الدول العربية تريد ان يشارك لبنان برئيس جمهورية منتخب قبل ان تعقد. وتعتقد هذه الدول أن لسورية إصبعا في منع انتخاب الرئيس، ولها يد طويلة قادرة بمكالمة هاتفية واحدة على تمكين اللبنانيين من اختيار رئيسهم لو أرادت.

لكن سورية لم تساعد في تسهيل مشاركة رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة مع الرئيس السابق إميل لحود في قمة الرياض في العام الماضي، ولا يتوقع ان تفعلها هذه المرة. وقصة أزمة المشاركة في قمة الرياض ان الرئيس لحود رفض ان يسمح لفؤاد السنيورة، رئيس الوزراء، حضور القمة معه، رغم انه تلقى دعوة للمشاركة من اجل موازنة الوفد بين الفريقين المتصارعين. الدول المشاركة واثقة من أن دمشق كانت قادرة على تقديم تنازل بسيط، وإنجاح القمة، لكنها لم تفعل. هنا اضطر منظمو مؤتمر الرياض إلى إشراك السنيورة كمراقب، وجلس بعيدا عن وفد بلاده. وارتياب دمشق في محله هذه المرة، لأن هناك مطالبات بتأجيل القمة، وأخرى بنقلها الى القاهرة هذه المرة، وثالثة اجهاض القمة بعقد قمتين. فقد اقترح ان تعقد قمة عربية طارئة لمواجهة ازمة غزة، فتكون ككل القمم الطارئة في القاهرة أيضا، والطرح الثاني تقديم موعد القمة الاسلامية المقررة في السنغال ليصادف موعدها نفس اليوم الذي تعقد فيه قمة دمشق.

وفي نظري أن السعي لتخريب قمة دمشق غير مبرر، وستأتي ردود فعله سلبية خاصة من الدولة المضيفة، التي ستظهر غضبها في الأماكن الرخوة كالعادة. أيضا لا بد من الاعتراف بأن القمة، حتى بحضور وفد لبناني كامل الرئاسات، لن يحل المشكل اللبناني. التحدي الحقيقي في قمة دمشق هو إقناع السوريين بأن إنجاح القمة هو المفتاح لحل أزماتها، وفيه إعلان عن «دمشق جديدة»، لأنه المخرج الوحيد امام المخاطر التي تواجه سورية خلال الفترة المقبلة.

[email protected]