الإشادة بالإرهاب جريمة لكن كيف؟

TT

حسم وزراء الداخلية العرب موضوع الحرب على الإرهاب في اجتماعهم الذي عقد في تونس. وافقوا على «تعديل المادة الأولى من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، ليتم تجريم التحريض على الجرائم الإرهابية، أو الإشادة بها، ونشر أو طبع، أو إعداد محررات، أو مطبوعات، أو تسجيلات أيا كان نوعها للتوزيع او لإطلاع الغير عليها، بهدف تشجيع ارتكاب تلك الجرائم».

قرار شجاع وضروري، وربما متأخر، بعد ان بات واضحا للجميع أن آلاف الذين شاركوا في قتل آلاف المدنيين تم تجنيدهم من خلال وسائل إعلام، أو خطب مساجد، أو مواقع الكترونية. بدونها ما كان عدد الارهابيين يبلغ مائة فرد ولا كان له ان يستشري في العالم العربي وكل العالم، وبدون التحريض الفكري ما كان للإسلام أن يشوّه والمسلمين ان يحاصروا في أنحاء العالم، حتى صار المسلمون أكثر الأمم مكروهة ومنبوذة.

السؤال: كيف ستقوم الحكومات بتطبيق هذا القرار الصريح جدا في إدانته لما يحدث؟ أمام ناظريها آلاف المواقع الالكترونية تنشر ادبيات الكراهية والتحريض، بعضها صريح وبعضها يتدثر بعبارات الجهاد للقتال في العراق باسم محاربة الأجنبي. هناك أئمة المساجد حلية الصراعات السياسية. هناك محطات فضائية دينية وسياسية وحتى غنائية هي الاخرى توجه المشاهدين عقليا ضد الغير وتجهزهم لقبول الانخراط في الإرهاب.

السؤال: هل الحكومات العربية مستعدة اليوم للقبض على آلاف الناس المنخرطين في مخالفة المادة الأولى كما عدلت في اجتماع تونس الأخير؟ هل سنرى حملة لملاحقة المحرضين في الإعلام على القتال؟

بدون أن نرى دليلا على عزم الحكومات على أخذ الأمر بجد، وتطبيق القانون الذي وقعت عليه، فان النتيجة ستنحدر الى الأسوأ. لقد مرت أكثر من ست سنوات على احداث الحادي عشر من سبتمبر، وأثبتت الاحداث الارهابية اللاحقة، التي نفذت في انحاء العالم، ان العرب هم المستهدفون ايضا. نرى أن التحريض والتجنيد وجمع الأموال زاد ولم ينقص. السبب ان معظم الدول المكتوية بنار الإرهاب ركزت على ملاحقة الخريجين من مدارس الإرهاب بدلا من منع الالتحاق بها مبكرا، أي ملاحقة الإرهابيين لا ملاحقة من يفتي لهم او يحرضهم أو يدفع لهم. وبالتالي يكون الإرهاب قد انتصر الى سنين طويلة، لأنه قادر على تجنيد ألف شاب كل شهر بمبالغ زهيدة وإرسالهم الى أي مكان يريد في العالم. لكسر الحلقة، وتجفيف منابع الإرهاب، لا بد من مهاجمة المصدر، المحرضين والمجندين والممولين.

مر عقد على مثل هذه النشاطات التحريضية التي أفلحت في تخريب المنطقة من السعودية وحتى المغرب، وتجاوزتها الى ما وراء الحدود. لم ينجح التحريض في اجتذاب بسطاء الناس، بل عم كذلك كل شرائح المتعلمين.

الخطر الحقيقي ليس في بن لادن او الظواهري، بل في معلمي الإرهاب المحليين الذين يقومون بتجنيد الشباب فكريا للانخراط في ساحة القتال.

[email protected]