عاجل: لبنان

TT

عاجل: انفجار في بيروت.

عاجل: عبوة تستهدف شخصية لبنانية..

عاجل: صدامات في شوارع بيروت..

اعتاد مشاهدو الفضائيات اللبنانية والعربية على قطع مسار الأخبار العادية ورؤية الشريط أسفل الصورة ينبئ بانفجار جديد في لبنان وبأن أحداً ما تم اغتياله.

شريط سريع يستتبع على عجل بصور حية لدخان وجثث ودواليب وتصاريح تغلب عليها مشاعر الشحن والتجييش..

بعد يوم، تنقل الشاشات مشاهد دموع المفجوعين وجنازات الضحايا سياسيين، نواباً، صحافيين ، أمنيين ولا يدري أحد من التالي.

في لبنان نفسه، لم يعد الشريط العاجل الدلالة الأولى على وقوع حدث أمني خطير، فانقطاع الهواتف الخليوية بات الإنذار ليهرع الجميع باتجاه الشاشات ليعرف من الشخصية التي تم استهدافها هذه المرة أو أين اندلعت الصدامات وفي أي حيّ من بيروت.

تراجع ازدحام السير بات نذير قلق على أن حدثاً ما يقع في حي أو شارع ما دفع بالعابرين إلى الاحتماء سريعاً ببيوتهم والاختفاء من الطرقات.

بات لبنان صورة وخبراً وحيدين.

منذ الرابع عشر من فبراير (شباط) 2005، تاريخ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، باتت الأحداث تتوالى على نحو مكثف حتى غدت صور اغتيال العميد في الجيش اللبناني فرانسوا الحاج لا تختلف كثيراً عن المشاهد التي ظهرت عند اغتيال الرائد في قوى الأمن الداخلي وسام عيد. صورة الانفجار هي ذاتها تتكرر ولم يعد بوسع الإعلام تقديم الفرق بين انفجار وآخر، خصوصاً مع عجز الصحافيين عن لعب دور في تمييز استهداف عن آخر. في لحظة الانفجار تكون المشاعر في ذروتها لدى المستهدف والصحافي والمواطن العادي الذي صودف مروره في لحظة التفجير. هنا يعجز المراسلون عن تبيان المعنى السياسي للانفجار فتطغى اللحظة الدامية من صورة الدخان والاشلاء التي باتت تخترق على نحو متكرر شاشاتنا.

إنها لحظة عجز عن انتاج معطيات جديدة نحتاج إلى معرفتها لتمييز حدث عن آخر وانفجار عن معطى أمني ما.

التلفزيونات تنصب كاميراتها وتبعث مراسليها وتنقل الوقائع...

نقل الوقائع ضرورة لكنها لا تتم من دون ثمن.

هناك صورة يتم تظهيرها عن البلد الذي يجمع الكل على أنه على شفير هاوية إن لم يكن قد انزلق فيها فعلاً..

الوقت يفصل بين انفجار وآخر.. صدامات الشارع لا تحدث كل يوم، لكن التهويل بها حاضر دائماً. غير أنه حين يقع الانفجار نستحضر كل الانفجارات التي سبقت وكأنها تحدث تباعاً وهو في الحقيقة غير صحيح، لكن تكرار المشهد جعل الخبر هو ذاته والذي يتغير هو المكان وهوية المستهدف.

ليس الذي يحدث بلبنان عصياً على التفسير، وليست الجهة العابثة بأرواح وأقدار اللبنانيين مجهولة على نحو ما يوحي البعض. إلا أن تكرار المشهد لم يعد يفي المهنة حقها. علينا إذاً التفكير فيما يتعدى نقل الصورة. ربما كان ذلك صعباً في ظل انعدام المعطيات والمعلومات حتى لدى الأجهزة الأمنية، لكن المهنة تقتضي تزويد المشاهد بما يتعدى ما رآه في المرة السابقة.

اقتراح سريع لا يكفي، علينا التفكير جدياً فيما هو أبعد من صورة الانفجار.

diana@ asharqalawsat.com