العقل زينة

TT

لا ولن ادعي يوما انني افهم كل شيء. ولكن ما لا افهمه حقا هو اقبال البنات على احتراف كرة القدم. فقد سمعت ان فريقا نسائيا تكون واقتحم ساحة المنافسات طمعا في دخول كأس العالم. السؤال المحير هو: لماذا تريد فتاة حباها الله برقة الانوثة ونعومتها ان تنمي عضلات لا تتناسب مع ما خلق الله وان تحذو حذو 22 لاعبا من الغلاظ الاشداء الذين يتسببون في هيستيريا جماعية يفقد فيها جمهور المشاهدين القدرة على ضبط النفس، فتنطلق حناجرهم بالصياح والصراخ وتجدهم يلوحون بالايدي احيانا وبالرايات احيانا، وحين تبلغ الحماقة منتهاها، ينهال بعضهم على بعض ضربا بالايدي او بالهراوات لا لسبب، الا لأن الغالب يشجع فريقا والمغلوب يشجع فريقا آخر. وفي ذلك تساءل احد الظرفاء قائلا:

لماذا لا يحصل كل لاعب على كرة لنفسه بدلا من العدو في الملعب لكي يحظى حذاؤه بلمسة للكرة، تدفع بها نحو المرمى، فيزداد صراخ المشجعين وعويل المهزومين؟

الى متى تظن النساء ان الطريق الى الحرية والمساواة هو التشبه بالرجال حتى حين يرتكب الرجال حماقة كتدخين السيجارة والأرجيلة، او عنفا كالمصارعة والملاكمة والكرة.

وبما أن الحديث يطال الحرية بمعانيها المختلفة، اقول انني سمعت اليوم عجبا. سمعت ان مواطنة عربية مهاجرة الى الولايات المتحدة، حصلت على الجنسية الاميركية قبل ثلاثة اشهر. وربما شعرت بأنها اصبحت مواطنة اميركية من حقها ممارسة حقوقها الديمقراطية في الاحتجاج على السياسة الخارجية. وعليها فردت صاحبتنا اجنحة الحرية المكتسبة وقررت ان تحتج على الحرب الاميركية ضد العراق. وعنها خلعت كل ثيابها، فأصبحت عارية كما ولدتها امها وكتبت على اجزاء مختلفة من جسدها عبارات احتجاج تطالب الحكومة الاميركية بالانسحاب الفوري من العراق. وخرجت الى اقرب ميدان وسارت ببطء حوله لكي يرى المارة ما كتبته على ظهرها وبطنها واجزاء اخرى من جسدها العاري. وفغر كل عابر سبيل فاه من دون ان يقرأ ما كتبته لأنه اكتفى بالبحلقة والدهشة من الفعل نفسه. واستمر العرض الى ان انتبه رجال الشرطة واسرعوا الى الساحة لالقاء القبض على المواطنة الجديدة بتهمة ارتكاب فعل فاضح في الطريق العام. وصدق المثل القائل: ان لم تستح فافعل ما شئت.

أحمد الله كثيرا انني خلقت امرأة لم تفكر يوما في احتراف الكرة، ولم تفكر في تدخين سيجارة لا سرا ولا في العلن. ولم يدر بخلدي ان اخلع برقع الحياء احتجاجا على سياسة عدوانية. ربما لا اكون اذكى الاذكياء ولا اعرف الناس ولكن المسألة لا تحتاج الى عبقرية، لكي يدرك كل انسان ان العقل زينة.