إن ضاق بك جلباب اسمك فاخلعه

TT

يمتلك الإنسان في حياته الكثير من الخيارات الهامة، كاختيار الأصدقاء، والزوجة، والسكن، والدراسة، والعمل، وأشياء كثيرة أخرى، لكنه يقف عاجزا ـ في الغالب ـ أمام أهم الأشياء التي تلتصق به مدى الحياة، وهو اسمه الذي فرض عليه في مرحلة لم يكن له فيها حق الرفض أو القبول.. فليس كل الناس سعداء بالأسماء التي يحملونها، ومن أبسط حقوق الإنسان تغيير اسمه متى كبر، فقد لا يعجب «سعيد» اسمه إذا أتعسته الحياة، وربما لا يروق لـ«سكينة» اسمها إذا أحاط بها ضجيج الزمن، وقد يتبرم «مرزوق» من اسمه إذا حل به ضنك العيش وقحط الأيام.. فالآباء حينما يخلعون علينا حلل الأسماء لم يراعوا في الكثير من الأحيان مقاساتنا في لعبة الأيام، فقد يضيق الاسم بصاحبه، أو يغدو متسعا مهلهلا عليه..

ولي قريب لم يكلف نفسه مشقة البحث عن أسماء لأولاده، فأثناء ما كان يداهم زوجته المخاض، ينتظر هو في فناء داره في ذلك الحي الشعبي، المسكون بالحركة والضجيج وكثرة مناداة الناس لبعضهم، وأول اسم يرد إلى أذنه في ذلك اليوم يطلقه على المولود.. فحينما ارتفعت الأصوات في الشارع تستفسر عن صحة طفل اصطدمت به بسيارة، قال الأقرب إلى موقع الحادث إنه سالم، فأطلق على ابنه البكر المولود في تلك اللحظة اسم «سالم»، واكتسب أولاده الأربعة أسماءهم بهذه الطريقة..

وكنت أروي قصة قريبي للصحافي السوداني الصديق سيد خليفة، فقال: إن قريبك سرق منهجه في التسمية من إحدى القبائل السودانية التي لا تتكلم العربية، فحينما كان ينزح أبناؤها إلى العاصمة، يختارون أسماء عربية لهم بحسب الكلمة أو العبارة الأولى التي يسمعونها عند قدومهم إلى الخرطوم، وهم وحظهم.. ولذا تجد بعضهم يحمل أسماء غريبة وطريفة مثل الساعي في مكتب صحيفة المدينة «السعودية» في الخرطوم في عقد الثمانينات من القرن الماضي، الذي كان اسمه «تلفون عطلان»!

وتحسن جهات تسجيل المواليد صنعا إذا ما تصدت بالرفض للأسماء المستهجنة، ولها في الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة، إذ كان يغير الأسماء القبيحة إلى أسماء جميلة، فالرجل الذي حمل اسمه معنى صعب، أطلق عليه اسم «سهل»، والمرأة التي حملت اسم «عاصية» سماها «جميلة»..

فإن لم يرق لك اسمك فاخلعه، فلست مكرها للعيش في جلباب الاسم الذي خلعه عليك أبوك، إن ضاق بك، أو ضاق به الزمن.

[email protected]