كرزاي ومشرف.. لامبالاة مثيرة للحنق

TT

يتخذ رئيسا أفغانستان وباكستان موقف اللامبالاة المثير للسخط بينما تشتعل نيران العنف الارهابي في بلديهما.

وفجأة يبدو حميد كرزاي وبرويز مشرف أكثر اهتماما بحماية موقعيهما من ابعاد بلديهما عن قبضة القوى الاسلامية المتطرفة.

والقاعدة الأولى لمكافحة الارهاب هو أنك لا تستطيع ان تساعد الزعماء الأجانب الذين لا يساعدون أنفسهم. وقد آن الأوان لتطبيق تلك القاعدة على الأفعال المدمرة ذاتيا لهذين الرجلين.

ففي عطلة نهاية الأسبوع الماضي انسحب كرزاي فجأة من خطة معدة بعناية لتعيين ممثل خاص للأمم المتحدة ذي صلاحيات واسعة في كابل من أجل تعزيز جهود اعادة الاعمار المتلكئة. ومما يجعل الأمور أسوأ ما قيل عن أن التغيير في الموقف جرى تشجيعه من جانب دبلوماسي اميركي يعمل مع كرزاي نيابة عنه.

ويعتبر رفض كرزاي للبريطاني بادي آشداون، الذي اكتسب سمعة كمدير جيد للأمم المتحدة في البوسنة، في مستوى معين قصة تآمر وخيانة دبلوماسية. ولكن معناها يكمن في نقطتين أوسع.

وتعتبر حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية الطويلة، التي ما زال أمامها تسعة أشهر، وقتا خطرا. ويركز الاسراع نحو التصويت بالضرورة على وعود بالمستقبل وانتقاد للماضي. وهذا يصرف الأنظار عن الأزمات الحالية التي تتفاقم.

وفضلا عن ذلك، وفي مرحلة معينة، فان اية صفقة تربط سوية القوى الأجنبية والزعماء المحليين الذين يتعرضون الى هجوم، حيث الاولى توفر المال والأسلحة والقوات لوعود الأخيرين بتحقيق استقرار داخلي ودعم سياسي خارجي، اصبحت عائقا بالنسبة للاثنين. ومصير جنرالات فيتنام الجنوبية السابقين وشاه ايران المخلوع هو جزء من التجربة الأميركية مع واقع العالم الثالث هذا، الذي قد يظهر على السطح، الآن، في آسيا الوسطى.

وأجرى كرزاي مقابلة مع اشداون في الكويت خلال شهر ديسمبر الماضي ثم صادق على تسميته في اتصالات خاصة. كذلك قام الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون بالشيء نفسه قبل ثلاثة أسابيع في مدريد.

ثم جاء الوعد حينما كان كرزاي حاضرا مؤتمرا في دافوس بسويسرا. بادر اشداون إلى تذكير الأفغان بالحضور البريطاني الاستعماري في أفغانستان في القرن التاسع عشر وربما قلل من حظوظ كرزاي في انتخابه ثانية السنة المقبلة.

وقال كرزاي لصحافي بريطاني في دافوس: «كلا القوتين الأميركية والبريطانية ضمنتا لي أنهما تعرفان ما تقومان به وأنا وقعت بخطأ الاستماع إليهما».

لا يمتلك اشداون وصفة سحرية لمشاكل أفغانستان لكن هذا المسلسل يشير إلى أسلوب كرزاي المتقلب في الحكم مع تصاعد العمليات الانتحارية التي تقوم بها طالبان على المدنيين. وجاء تراجعه الأخير ليخلق مشكلة أمام الجهود المبذولة لمحاربة المتمردين، والتي تتطلب تعزيزا وإيضاحا حسبما جاء في تقرير مجلس حلف الاطلسي الذي صدر في الأسبوع الماضي من قبل الجنرال جيمس جونز قائد الناتو المتقاعد.

وستقوض الحادثة ثقة المجتمع الدولي بكرزاي الذي تم تنصيبه بدعم أميركي بعد غزو افغانستان عام 2001. وكان زلماي خليل زاد السفير الأميركي في الامم المتحدة وراء العملية السياسية. وقد تفسر العلاقة الوطيدة بين الأخير وكرزاي السبب الذي منع آشداون من إجراء اتصالات بأشخاص كثيرين في الأمم المتحدة بينما ظل مسؤولون أميركيون يضغطون بشدة للإبقاء على الترشيح حسب تقارير الإدارة الأميركية.

كذلك سعى مشرف الاستفادة من مؤتمر دافوس كجزء من جولة في أوروبا حتى حينما يكون المتطرفون قد وسعوا سيطرتهم على مناطق جديدة في باكستان. وهو حاليا لا يرتاح من أن ينظر إليه باعتباره عميلا أميركيا في الحرب ضد الإرهاب مانعا واشنطن من القيام بمعارك داخل باكستان في المناطق التي تؤوي القاعدة وطالبان.

ما زال أمام الولايات المتحدة الفرصة كي تنقذ كرزاي ومشرف من المتطرفين. لكن واشنطن لا تمتلك أي حظ في انقاذهما من نفسيهما. فهذه المهمة خاصة بهما.

*خدمة مجموعة كتاب «واشنطن بوست»-

خاص بـ «الشرق الأوسط»