الخوف من القاعدة الفرنسية في الخليج

TT

صراحة انتقدت إيران قيام دولة الامارات العربية المتحدة ببناء قاعدة عسكرية فرنسية. وكالعادة أقحم الموضوع الفلسطيني في التبرير حيث هاجم المتحدث باسم الخارجية الإيرانية محمد علي الحسيني فرنسا قائلا إنها تتجاهل جرائم الصهيونية في فلسطين. طبعا إيران تتجاهل انها التي جاءت بالقوى الاجنبية الى المنطقة، ولا تزال مستمرة بسياستها وبناء قواتها ومناوراتها الضخمة. إيران تحتج على اربعمائة عسكري فرنسي وفي نفس الوقت تبني ترسانة هائلة من الاسلحة الصينية والروسية والكورية الشمالية قبالة الدول الخليجية، فهل هي تفعلها من اجل مواجهة اسرائيل أم انها استهداف دول الخليج؟

لا احد يريد قوى اجنبية في منطقته لكن إيران هي من قص الشريط عندما استهدفت دول الخليج التي اضطرت الى الاستعانة بالقوة الاجنبية لحمايتها، وبدأ ذلك قبل ان يغزو صدام الكويت بثماني سنوات.

ففي الحرب العراقية الإيرانية هاجمت القوات الإيرانية منشآت نفطية كويتية، كما صارت تتصيد الناقلات النفطية الكويتية بالألغام البحرية. بعدها لم يكن أمام الكويت، الدولة الصغيرة، إلا رفع الاعلام الاميركية. وكانت تلك الاعلام كافية لتخويف إيران التي كفت عن مطاردة السفن الكويتية. تكرر السيناريو في مأساة غزو صدام للكويت، ولم يخرج منها إلا بحشد عسكري اميركي قام بتدمير قدراته، وردعه لسنين لاحقة. ومع ان إيران توقفت عن استهداف السفن الكويتية إلا انها اشترت غواصات وأقامت حفلات استعراض عسكرية كمناورات ضخمة، فتسببت برفع اسعار التأمين على صادرات النفط الخليجية التي صارت الاغلى في العالم.

صدام والنظام الإيراني دفعا الدول الخليجية الى الاستعانة بالقوات الدولية وبناء القواعد العسكرية، لأن الدول الخليجية على الضفة الغربية هي اقل عسكرة. اما إيران فان معظم مداخيلها وصناعاتها وسياساتها قائمة على مشروع واحد هو تطوير قدراتها العسكرية، تماما كان صدام يفعل في كل سنوات حكمه.

الوضع ازداد خطورة بعد ان اصبحت المخالب الإيرانية اكبر، وأكثر تقدما، في مياه الخليج. في ترسانتها البحرية ألغام متطورة، وصواريخ ضد السفن، وهي الوحيدة التي تملك غواصات، مع اسطول طائرات اشترتها من الصين وروسيا وكوريا الشمالية، ووراء ذلك مليون عسكري في القوات المسلحة الإيرانية، و 11 مليون إيراني تحت التجنيد. اما في الخليج فلا يصل عدد العسكريين إلا الى مائتي الف فقط.

ورغم اختلال ميزان القوى لصالح إيران لا ننصح الخليجيين ان ينفقوا اموالهم على بناء الجيوش كما فعل صدام وتفعل إيران اليوم، التي نعرف ان مآلها الى الخراب.

والفرد يتساءل: هل قاعدة فرنسية من اربعمائة عسكري تستحق ان تقلق طهران؟ بالتأكيد لا، لان القوات الاميركية في مياه الخليج من الضخامة، نوعا وكما، بحيث تجعل الحضور الفرنسي متواضعا، لكن الذي يزعج الإيرانيين ان القاعدة هنا تعني التزاما سياسيا وعسكريا من قبل فرنسا تجاه دولة الامارات. فالإيرانيون لا يزالون يحتلون ثلاث جزر اماراتية، الأخيرة اكملوا احتلالها في عام 1990.

الخيار الافضل لكل دول الخليج الثماني، أي بما فيها إيران، جعلها منطقة منزوعة السلاح لتنفق الاموال على بناء الانسان فيها، لا على تشييد القلاع والسلاح.

[email protected]