احمد ربنا فقد أعطاك كثيراً

TT

الحمد لله فأنا وأنت لا نزال أحياء.. نقرأ ونكتب ونتلفت يمينا وشمالا.. ونجلس ونقف وننظر إلى بعيد وإلى قريب.. ونمد أيدينا إلى الطعام وندفعه بعيداً عنا ونخرج إلى أي مكان.. وكل هذه حركات يجب أن نحمد الله عليها..

فإن كنت ترى أن الذي فعلته أنت في هذه اللحظة ليس شيئا كبيرا، وأنه ليس أسخف من هذا الكلام الذي قلته لك مع بداية عام جديد: فأرجوك أن «تخطف» رجلك إلى أقرب مستشفى.. وانظر من بعيد ما الذي تراه؟ ما الذي تسمعه؟ ما الذي تشمه؟

الحمد لله أنك لست واحداً من هؤلاء الذين أمامك.. إنها نعمة كبرى أن تكون قادراً على الذهاب إلى هناك تتفرج.. وتمكث بعض الوقت.. وتهرب بعيداً، ناسياً أنك أحسن حالا وأصح جسما وأقدر على الحركة..

أرجوك أن تجعل طريقك على المقابر.. واحمد ربنا.. وإن كنت في سيارة فانظر إلى الناس.. إنهم يمشون على أقدامهم.. وإن كنت تمشي على قدميك، فانظر إلى الناس الذين ينزلون من السيارات وقد ساندوهم، لأنهم لا يقدرون على الحركة..

وإن كانت ذراع واحدة أو ساق واحدة أو عين واحدة توجعك، فاحمد الله على أنها واحدة..

وإذا وجدت وجوهاً «مكشرة» فابتسم فإن الابتسام نعمة كبرى.. إن الابتسام يغسل أعماقك ويجلو وجهك.. ويجعل دنياك أهدأ وأنعم.. صدقني إن الذي لا يملك الابتسام قد خسر كثيراً جداً.. ولا شيء يدل على حضارة الإنسان مثل ابتسامته وبشاشته.. فالشعوب البدائية لا تعرف كيف تبتسم.. والابتسامة هي أرخص عملية كيميائية خلقها الله.. فلا تكاد تبتسم حتى تتوازن في داخلك قوى وعضلات وأعصاب ووظائف.. مع أن الذي فعلته ليس إلا إضاءة شمعة واحدة على وجهك.. ولكن هذه الشمعة تضيء ما لا نهاية له من الشموع في داخلك.. في قلبك.. وعقلك.. وأحلامك والطريق أمامك..

أرجو أن تنظر إلى بيتك.. إلى غرفه.. إلى أثاثه. إلى زوجتك وأولادك..

احمد ربنا على الذي أعطاك.. لا بد أن تفعل ذلك.. لكي تريح نفسك وعقلك وجسمك والناس حولك..

وقوله تعالى: «لئن شكرتم لأزيدنكم» هو حكمة يومك وغدك وعامك القادم إن شاء الله..