الراحة ضرورة لمن تعب!

TT

هناك نوعان من التعب: تعب عضلي وتعب نفسي.. والتعب العضلي يصيب الذين يعملون بأيديهم. والاسترخاء والنوم يؤدي إلى الراحة. والانتعاش يجعلنا قادرين على مواصلة العمل من جديد.

وفي بداية الثورة الصناعية في أوروبا وجدنا العمال يشتغلون ساعات طويلة. فلم يكن قانون تحديد ساعات العمل قد صدر. ولذلك ظهرت عليهم الشيخوخة المبكرة، تماماً كما حدث للعمال في اليابان والصين في القرن الماضي. كما يحدث في كل الدول النامية التي ترهق العمال ولا تحدد لهم ساعات عمل وساعات راحة!

أما التعب النفسي فهو يصيب كل المثقفين ورجال الأعمال. وأهم أسباب التعب النفسي هو القلق والخوف وعدم الاطمئنان.. فالموظف يخاف أن يفوته الأوتوبيس، ويخاف أن يفصله رئيسه في العمل ويخاف من المرض. ويخاف من الإفلاس. وهو قلق على أولاده وعلى نتائج الامتحانات، وعلى موعد الترقية..

والراحة من هذه المتاعب النفسية صعبة.. فالنوم ليس سهلا. والمتعبون نفسياً ينامون والمتاعب الى جوارهم في نفس الفراش. ولذلك لا بد من مناقشة هذه المتاعب وتصفية جيوبها أولا بأول.. والنظر اليها واحدة واحدة..

وأهم من ذلك أن نرغم أنفسنا على الراحة.. لا بد أن نستريح يوماً في الاسبوع.. أسبوعاً في السنة.. وحق الراحة هو أهم الحقوق التي اكتسبها العالم في العصر الحديث..

وقد ثبت بالأرقام أن العمال الذين لا يستريحون يقل انتاجهم، والذين يعرفون الراحة أكثر انتاجاً..

وبعض الناس يتصور أنه إذا غاب عن عمله اضطرب الكون واختل النظام، لأنه إنسان ضروري ومهم.. وأنه لا غنى عنه ولذلك يجب ألا يغيب عن مكان عمله أبداً مهما كانت النتيجة!!

والذي يؤكد أنه تعبان جداً. وأنه في حاجة الى علاج نفسي، هو هذه التصورات الوهمية، فلا أحد لا يمكن الاستغناء عنه. فسوف يمضي كل شيء كعادته..

وسوف تبقى النجوم لامعة في السماء.. وسوف تبقى المسافة بين الأرض والشمس 93 مليونا كما كانت من ملايين السنين.. فلن يحدث شيء في الدنيا أثناء غيابك!

واذا كانت هذه فكرتك عن نفسك فأنت ولا شك تهرب من شيء يضايقك، وتريد أن تحتمي في العمل.. وما دمت هارباً فلا يمكن أن يكون عملك منتجاً.. فأنت كالذي يختفي في حقل قطن دون أن يزرع أو يجني.. وإذا كان هذا رأيك في أهمية وجودك وعملك فأنت في حاجة الى إجازة.. الى راحة نفسية..

وعندما تعود من الإجازة ستجد الدنيا أحسن مما تركتها.. وأجمل لماذا؟ لأن أعصابك قد استراحت!