أداء الواجب كمال نحلم به!

TT

لا نحن مرفهون.. ولا نحن أولاد ذوات.. ولا ولدنا والملاعق الذهبية في أفواه الخدم والحشم حولنا.. وإنما أناس عاديون.. ومن بيئة تعانق فيها الشرف والفقر. في أعماق الريف المصري!!

فإذا ما طلبت من الذي يصنع الحذاء ألا ينسى فيه المسامير.. واذا طلبت من الذي يرصف الشارع ألا ينسى سد النقر.. ومن الذي يأتي بالماء ألا ينسى قطعة الثلج.. ومن الذي يبيع البرتقال ألا يغش.. ومن الذي يكنس الشارع ألا يترك فيه الزبالة، ومن الذي يصنع الكبريت ألا ينسى رؤوس الكبريت.. فإنني هنا لا أشكو أحداً الى أحد.. وإنما نحن نتشاكى.. نشكو أنفسنا الى أنفسنا..

ولست مترفاً ولا باحثاً عن الكماليات.. وإنما أطلب الكمال.. اطلب من الذي يعمل ان يتقن عمله.. فهذه النقر في الشوارع تهم من يمشي على قدميه، لكنها لا تهم من يركب السيارة ومعظم الناس مشاة.. غير أن أداء الواجب على «أكمل» وجه هو الذي يهمني.. فالذي يرصف الشارع يجب ان يتقن الرصف.. والذي يكنسه يجب ان يحسن الكنس.. والذي يمشي في الشارع يجب أن يراعي علامات المرور.. والذي يصنع الخبز والذي يصنع الفول.. وكل من يعمل شيئاً يجب أن يتقنه. انها ليست الكماليات هي التي تهمني.. وإنما الكمال هو الذي أنشده..

وإذا جاءني كوب الماء ليس نظيفاً، فإنني أطلب من الجرسون أن يأتي به نظيفاً.. لأنه من الضروري أن يؤدي ما هو واجب وما هو صحي.

وفي نفس الوقت أعلم علم اليقين أن لنا أخوة وابناء يعملون في كل مكان لا يجدون الماء المثلج الذي نجده، ولا الظل الذي ننام فيه.. ولا هذه المسافات الواسعة التي نرتع فيها من شارع الى شارع ومن مدينة الى مدينة.. إن هؤلاء الأبطال هم الذين ارتضوا الشمس لننعم نحن بالظل.. وهم الذين ارتضوا بالعمل في الصحارى، لننعم نحن بالنسيم العليل في بيوتنا. وهم لا يجدون الماء الذي نجده.. ولا أكواب الزجاج التي نشرب فيها..

انني أعلم هذه التضحيات العظيمة، التي يبذلها طواعية وعن طيب خاطر، اخوان لنا أعزاء علينا.. وعلى الرغم من ذلك، فإننا جميعاً يجب ان نتمسك بكل ما هو واجب، وبكل ما هو طريق الى كمال العمل، وكمال الإنتاج..

وإذا نحن جميعاً حرصنا على أداء الواجب في الصغيرة والكبيرة، فلا خوف علينا!