مشروع الـ9 ملايين دولار.. دعوة للمستثمرين العرب

TT

يعتبر البروفيسور منير نايفة، أحد أبرز علمائنا العرب في الخارج، فهو أستاذ في قسم الفيزياء في جامعة الينوي الأميركية، ومن أبرز أساتذة العالم في علم النانوتكنولوجي (التقنيات المتناهية في الصغر) Nanotechnology، التي تعتبر حديث العالم اليوم، وبخاصة في الدول المتقدمة التي تنفق عليها بلايين الدولارات، لأن من سيقود تكنولوجيا النانو سيتحكم في الاقتصاد العالمي في القرن الحالي، كما أن البروفيسور نايفة خبير عالمي في معهد الملك عبد الله لتقنية النانو بجامعة الملك سعود، والذي يجري انشاؤه حالياً، وللمزيد أنظر حواري معه في «الشرق الأوسط» (عدد 23 مارس 2005).

والقصة التالية طالعتنا بها وكالات الأنباء العالمية، خلال أوائل شهر فبراير الجاري عن استثمار لأحد المشاريع العلمية الواعدة للبروفيسور نايفة، وهي مهداة للمستثمرين ورجال الأعمال العرب ودعوة للاستثمار بشدة في العلم. وتبدأ أحداث القصة ببحث علمي مثير نشره البروفيسور نايفة مع فريق علمي بحثي أميركي سعودي نشر في مجلة «أخبار الفيزياء التطبيقية»Applied Physics Letters في أغسطس من العام الماضي، يدور حول تصميم خلايا كهروشمسية كفوءة بتطبيقات النانوتكنولوجي، وتتلخص نتائج البحث في أنه عند وضع طبقة (غشاء) رقيقة جداً من دقائق نانوية من السيليكون في خلية شمسية سيليكونية، فإن ذلك يؤدي الى زيادة انتاج طاقتها الكهربائية وتقليل الحرارة فيها وإطالة عمر الخلية، وتغليف الخلايا الشمسية بجزيئات نانوية سيليكونية يمكن استخدامه بسهوله في مجال الصناعة وبتكلفة قليلة، وللمزيد حول هذا البحث المثير انظر صفحة تقارير في جريدة «الشرق الأوسط» عدد 19 سبتمبر العام الماضي.

تتوالى أحداث القصة، حيث يقرأ المستثمر الأميركي ديفيد غيلبوم David Gelbaum، هذا البحث ليقوم على الفور بإجراء مكالمة هاتفية مع البروفيسور نايفة في أغسطس من العام الماضي، مبدياً استعداده للاستثمار في هذا البحث، قائلاً: «سأرسل لك غداً شيكا بمبلغ 100 ألف دولار»، وأبدى إعجابه بأبحاث نايفة المبدعة والمتميزة والمفيدة للعالم. يقول نايفة: «اعتقدت أن هذا ربما يكون «دعابة أو مزحة»، لكنني وجدت في اليوم التالي بالفعل شيكاً بهذا المبلغ». وتتوالى أحداث القصة لتتحول في أوائل شهر فبراير الجاري الى شراكة بمبلغ 9.1 مليون دولار بين البروفيسور نايفة، والمستثمر غيلبوم ليتحول بحث البروفيسور نايفة الى شركة جديدة، تحمل اسما تجاريا هو «نانو سيليكون سولار» Nano Si Solar. والتي ستأخذ من عام الى عامين لتنتقل تكنولوجيا الخلايا الشمسية المغلفة بجزيئات نانوية سيليكونية من مجال البحث الى الميدان التجاري، وللتعرف عن المزيد حول أحداث هذه القصة المثيرة، يمكن مطالعة الموقع الإلكتروني لجريدة الينوي الأميركية (www.news-gazette.com).

هذه القصة المثيرة لها دلالات ومعان كثيرة مهمة لعالمنا العربي، منها ضرورة الاستثمار بشدة في العلم والتكنولوجيا، وبخاصة مع الاتجاهات العالمية الحديثة نحو «الاقتصاد المعرفي» الذي تسعى لتحقيقه الدول المتقدمة، ونشير هنا الى المنتدى العالمي الثالث للعلمWorld Science Forum الذي عقد في الفترة من 8 الى 10 نوفمبرالعام الماضي في بودابست في المجر تحت عنوان «الاستثمار في المعرفة: الاستثمار في المستقبل» Investing in Knowledge: Investing in the Future والذي نظمته «أكاديمية العلوم المجرية» بالتعاون مع «منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) UNESCO، والمجلس الدولي للعلوم، حيث قال مدير عام اليونسكو الياباني كويشيرو ماتسورا، في افتتاح هذا المنتدى «ان العلم يمثل أكثر من أي وقت مضى، عاملاً لا غنى عنه لازدهار المجتمعات، ويؤدي دوراً رئيسياً في تعزيز التنمية المستدامة، وتأمين مستقبل الأجيال الصاعدة».

ونشير أيضاً الى أهمية «المؤتمر الإقليمي الأول للاقتصاد المعرفي»، الذي عقد في السعودية برعاية الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، خلال يومي 12 و13 يناير الماضي، تحت شعار «نحو اقتصاد معرفي»، بهدف بناء اقتصاد معرفي في العالم العربي، وتسليط الضوء على أهمية التحول الى الاقتصاد المعرفي في العالم العربي من أجل الاستغلال الأمثل للعلم والمعرفة.

وخلاصة القول، ان قصة البروفيسور نايفة مع المستثمر الأميركي، يجب أن تكون دعوة صريحة للمستثمرين ورجال الأعمال العرب للاستثمار بشدة في العلم وبحوث علمائنا وباحثينا العرب، فهناك الكثير من الأبحاث والأفكار المبدعة لعلمائنا وشبابنا العرب تنتظر من يمد لها يد العون والمساعدة لترى النور، ولتتحول من على رفوف المكتبات الى شركات تجارية مهمة، تساهم في تحويل الاقتصاديات العربية التقليدية، الى اقتصاد معرفة وعلم وإبداع بشري.

* كاتبة وباحثة مصرية

في الشؤون العلمية