من الحب ما يشفي الإنسان

TT

سمعنا الكثير عمن قتلهم الحب، ولكن لم نسمع عمن أحياهم الحب حتى قرأت عن هذه الفتاة التي ماتت في ليلة عرسها وعجز الطب والأطباء عن معالجتها فأودعوها جثة هامدة في مخزن الجثث استعدادا لدفنها. وقع ذلك للمسكينة مرغريتا. مرت بهذه التجربة العجيبة المزدوجة، فقد قتلها الحب واحياها الحب. يظهر ان افراح العرس او قلق الدخلة او الخوف من حماتها قد قطعت انفاسها. فعندما وصل العريس ودخل مخدع الفرح وجدها جثة هامدة. وهو شيء لا يطيب لأي عريس ان يفرح به بعد ان يكون قد دفع مبلغ المهر وتحمل كل ما تحمله من تكاليف ومشقة.

نقلوا الجثة وهي في كامل ثياب العرس وزينتها ومكياجها واودعوها في ثلاجة الجثث، كما قلت وكما سمعت وإن لم اكن قد رأيت. جرى ذلك في كرواتيا وليس في العراق كما قد يفكر القارئ الكريم ويعتقد. ففي كرواتيا لا تنقطع الكهرباء عن الثلاجات والمستشفيات.

أعدوا مراسم الدفن واستعدوا لوصول الجنازة، عندما رن التلفون من المستشفى ليخبرهم بأنه لا حاجة لحفر قبر وإجراء كل ترتيبات التشييع. لقد عادت مرغريتا الى الحياة.

كان المسؤول عن خزن الجنائز قد وقع في حب هذه الحسناء الميتة بكل ما عليها من ثياب العرس وزينته، فسوّل له الشيطان ما لا يخطر في الأذهان. فك عنها ثيابها وواقعها جنسيا. ولكنه سرعان ما خرج من المخزن وهو يولول كالمجنون: «احتيت! احتيت!»

خف الأطباء اليه وهم على يقين بأنه قد فقد صوابه من كثرة العمل في مخزن الجثث. ولكنهم اوشكوا هم على فقدان صوابهم عندما رأوا مرغريتا تخرج من مخزن الجثث بثوب العرس وتجري وراءه .

اتضح لهم أن يوسو الجناز قد أعادها للحياة باعتدائه عليها. القوا القبض عليه ولكنهم تحيروا في امره. الاغتصاب عمل يجري مع الأحياء. كيف يستطيعون توجيه التهمة ضد من اغتصب جثة؟ وأثناء ذلك اهتز الرأي العام الكرواتي فاتجهت الآراء الى ان هذا الشاب قد قام بعمل مجيد يشكر عليه بإنقاذ امرأة من القبر، ويستحق جائزة من الدولة بدلا من معاقبته. غير أن فريقا آخر من المعلقين حذروا من نتائج ذلك. فربما يسمع الشبيبة بالحكاية ويعتبرونها سابقة قانونية فيعمدون الى تكرارها حبا للخير والثواب. فلا تدفن فتاة صبية إلا ويضطر اهلها لنصب خفارة لحراسة قبرها حرصا على عفتها وشرفها. وفيما كان هذا النقاش جاريا تدفق سيل من رسائل الفتيات شرقا وغربا للجناز يوسو وكلهن يعرضن اعجابهن به وحبهن له ويتطلعن شوقا لهذا الرجل الذي أنقذ بحبه فتاة قتلها الحب.