فوزي محسون.. وسرب من طيور الحكاية

TT

اعترف بأن ما نعرفه عن الجانب الإنساني للفنان السعودي الكبير الراحل فوزي محسون لا يمثل سوى الجزء الطافي على سطح ذكرياتنا معه، فلم يكد ينشر مقالي الذي كتبته عنه الجمعة الماضية في صفحات «الوتر السادس»، حتى انهالت علي الاتصالات والرسائل من أصدقاء فوزي ومعارفه ومحبيه، يروون لي عددا من الحكايات عن جوانب المثالية في شخصيته، حتى وددت لو أنني لم أكتب ذلك المقال قبل سماع كل ذلك، وها أنا أنقل لكم منها اليوم هذه الحكايات الثلاث:

** الحكاية الأولى: رواها صديق لي عن خاصية الوفاء في شخصية فوزي محسون، إذ يقول:

«ربطت والدي بفوزي علاقة حميمة جدا امتدت لسنوات طويلة، كانا يسهران خلالها بصورة شبه يومية في بيت والدي، وغالبا ما يشاركهما سهراتهما الفنان الكبير طلال مداح.. وكان الوالد من عشاق الفن، ويرتاح كثيرا لأداء فوزي، خاصة في أغنياته التي كتبها صالح جلال وثريا قابل، ويجد فيها نبض الناس، ونكهة الحياة التي كانوا يعيشونها.. وحينما داهم والدي مرض خطير حرصنا على إخفائه عنه، كان فوزي يواصل زياراته اليومية، ويغني لأبي والدموع تهطل من عينيه بغزارة، وحينما يسأله أبي عن سر بكائه يورد قصصا عاطفية خيالية لكيلا يقول لأبي أنه يبكي عليه»!

** الحكاية الثانية بعثها لي من جازان جنوب السعودية أحد محبي فوزي محسون يقول فيها:

«حينما كنت مراهقا كتبت أبياتا ركيكة من الغزل الفاضح، ظننتها آنذاك من عيون الشعر، وحملت أوراقي من جازان، وجئت على سطح شاحنة إلى جدة، فوصلت بيت فوزي محسون، وعلى ملامحي الكثير من وعثاء السفر، وصفع الرياح، فقرعت الجرس وكان الوقت ظهرا، ففتح لي فوزي الباب، وأخبرته بحالي، وما جئت من أجله، وكيف جئت.. فدعاني للدخول، وبعد أن شاركته طعام الغداء تناول عوده، وراح يدندن، وهو يتمتم بكلماتي، ثم توقف قليلا ريثما يدخل شريط «الكاسيت» في جهاز التسجيل، وراح يردد بعض الأبيات بعد حذف وتغيير ما بها من ألفاظ فاضحة، وقام بعد ذلك بتسليمي الشريط قائلا:

ـ أبقيه ذكرى لديك!.. ولم يزل ذلك الشريط أهم وأعظم مقتنياتي».

** أما الحكاية الثالثة فيقول مرسلها: «ربطتني بفوزي محسون زمالة وظيفية في وزارة البرق والبريد والهاتف، كما كانت تسمى آنذاك، وكنا صغارا في السن، وفي أوقات فراغنا نغلق باب الغرفة، ونستغرق في الغناء، حتى ضبطنا أحد المسؤولين الإداريين، فقرر حسم يوم على كل موظف، ليتقدم فوزي بكل جرأة إلى المسؤول طالبا تطبيق كل أيام الحسم على راتبه فقط، متحملا وحده مسؤولية الغناء أثناء الدوام الرسمي، فأكبر المسؤول شجاعة فوزي، وأعفانا جميعا من الحسم».

رحمك الله أبا إبراهيم.. فلقد رحلت وأبقيت لنا فنا عظيما، وسربا من طيور الحكاية.

[email protected]