وانهدم المعبد فوق دماغي: عقوبة أستحقها!

TT

يحتفل المعرض الدولي للكتاب في مصر بالدكتورة سهير القلماوي تلميذة طه حسين، والتي كتبت أحسن الدراسات عن (ألف ليلة وليلة) والرئيسة السابقة للهيئة العامة للكتاب. وكنت معها عضواً في مجلس الإدارة. وبعد هزيمة سنة 1967 عرضت عليها فوافقت أن اتنقل بين البلاد العربية بألوف الكتب التي تتحدث عن إسرائيل وفلسطين. إيماناً مني بأن جهلنا بالصهيونية وإسرائيل، هو الذي هزمنا قبل أن ندخل الحرب معها. فقد كان كل ما نعرفه عن اليهودي أنه رجل منكسر الظهر على القرش والقرشين. أنفه كبير يشم رائحة الذهب ولو كان في أعماق الأرض. وأنه رجل أخنف. وبس!

لدرجة أن أحد جنودنا قد عاد من الجبهة وحدثنا عن أناس طيبين زرق العيون وشعورهم ذهبية. وأنهم كانوا يطلبون إليه ان يجلس ويشرب الشاي معهم فقال: أمة محمد بخير!!

واستنكرنا ما قال. ولم يكن يعرف أن هؤلاء يهود من كل دول العالم. وأن من بينهم زرق العيون. لم يكن يعلم ولا صدقنا عندما صدقناه في أفكاره الساذجة. وغير ذلك كثير مما نجهله عن عدونا. فكان شعار المعرض الذي تنقلت به (اعرف عدوك). وهذا ما حدث. فعندما عرفنا عدونا انتصرنا عليه في سنة 1973. وبدأت بليبيا. وزرتها وعرضت الكتب هناك. وفي إحدى الندوات فوجئت بهذا السؤال: كيف تسمحون لسيدة عجوز اسمها أم كلثوم تغني: بعيد بعيد وحدينا.. بعيد أنا وانت. كيف؟! أليس في ذلك قلة أدب وتحريض على الفسق والفجور؟!

بالذمة كيف أرد عليه؟ وهو موضوع ـ إن صح أنه موضوع ـ لا علاقة له بالكتاب وبإسرائيل ولا بالهزيمة العسكرية الشنيعة التي لم نحاكم الذين كانوا أسبابها: لا الرئيس ولا نواب الرئيس ولا قادة الجيش..

وظهر من دهشتي أنني استنكر هذا السؤال. فليست أم كلثوم بهذه البشاعة والأغنية ككل الأغاني الرومانسية لا تحض ولا تدعو للرذيلة.. وإنما هي تتحدث عن حرمان العشاق وأملهم في أن ينفردوا وينعزلوا بعيداً عن عيون الرقباء والحاسدين. ونهض رجل وقور واستنكر هذا السؤال الذي لا جاء في وقته ولا في موضعه ولا مقامه ثم سألني: وقل لي هل صحيح أن الراقصة فلانة تزوجت شاباً في مثل سن أولادها؟

وأحسست أن المعرض قد وقع فوق دماغي كما انهدم المعبد فوق دماغ شمشون.