لبنان .. لم يبق إلا الحرب

TT

طبول الحرب قرعت في لبنان، ولم يبق إلا الحرب نفسها، ومن الواضح أن كل المؤشرات تشير إلى حرب قادمة. فمنذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وامتداد قائمة المغتالين في لبنان من الاكثرية، والبلاد تسير في طريق الاحتقان، وتندفع إلى أجواء الحرب بسرعة مذهلة.

تسلط حزب الله السياسي، وعدم تواني المحسوبين على الحزب عن توزيع تهم العمالة، وحفلات التخوين القائمة في وسائل الإعلام بحق الاكثرية اللبنانية واحتلال انصار حسن نصر الله للساحات في وسط بيروت وتعطيل لبنان اقتصاديا، وإرغام البلاد للخنوع للسيطرة الخارجية، كلها مؤشرات على حرب قادمة، قد لا يحول دون وقوعها حتى انتخاب العماد ميشال سليمان.

حديث وليد جنبلاط عن الحرب، وما قاله بحق حسن نصر الله، ليس جديدا، ولكن النبرة مختلفة، فهي نبرة من يريد إرسال رسالة للمعارضة مفادها لا تلعبوا بالنار. وفريق المعارضة في لبنان فعلا تمادى، بالإملاء، والتصلب، فقد طال إغلاق البرلمان، وزاد مدى الاستفزاز بحق الاكثرية اللبنانية، خصوصا ان هذه الاكثرية أصبحت اكثرية بالانتخاب، لا بالصواريخ، والدعم السوري ـ الإيراني.

أمر آخر يدعم فرضية الحرب في لبنان هو المحكمة الدولية، التي لا بد من اكتمالها، وهذا مربط الفرس. فمن يريد الخير للبنان، ويريد استقراره، لا بد أن يجاهر بأن اللاعبين باستقرار لبنان لا بد أن يدفعوا الثمن، ويدفعونه غاليا ومكلفا، وهذا جهد عربي يجب أن يبذل من دون تهاون.

عفا الله عما سلف، والحديث عن العروبة والقومية، لا يعني أن تهدر الدماء، وتنشطر الدول العربية إلى دويلات، ويترك لمهووسي السلطة أن يلعبوا بأقدارنا، ومستقبلنا. ولذلك ما لم يعُد الإيراني إلى حدوده الجغرافية، ويعود السوري إلى صوابه، فإن أمن لبنان، والأمن العربي لن يستقرا.

لا يجوز أن يخون الجميع، ويجر لبنان من عنقه إلى الحروب، بينما جبهة الصمود العربية السورية لم تطلق رصاصة في الجولان المحتل، في وقت تدمر بيروت كل عشر سنوات. ولا يجوز أن يختطف لبنان من قبل تجار الأزمات والحروب، تحت حجج واهية، تجعله ورقة في ملف المفاوضات الإيرانية ـ الغربية، أو بطاقة دخول للسيد وليد المعلم في المقرات الرئاسية الغربية. فمن قبل كانت بعض الدول العربية أسيرة لشعاراتها هي، أما اليوم فباتت الدول أسيرة شعارات أطراف أخرى. ولبنان خير نموذج لهذا العبث العربي بامتياز.

حالة التصعيد التي تنذر بالحرب، والانحدار الملحوظ في اللغة السياسية، وطول قائمة المغتالين، توجب على من يريد حماية لبنان أن يضمن أن هناك ثمنا لا بد أن يدفعه من يلعب بالبلاد، ويجرها إلى مسلسل التدمير المستمر، سواء كانت دولا أو أفرادا، وحتى جماعات. زيارة السيد عمرو موسى وما يقوله لنا يوميا، نعرف كلنا، وأولنا موسى نفسه، أنه لن يقدم أو يؤخر، فحل معضلة لبنان لا يبدأ في لبنان، بل من مكان آخر.

[email protected]