حرب بأصوات كثيرة

TT

الجميع يعرفون ان ثمة حرباً باردة كبرى في لبنان، ولا أحد يعرف حرب من هي. احيانا تبدو حرباً دولية تخوضها فرنسا واميركا وايران. واحيانا تبدو حرباً اقليمية متعددة وإيران عنوانها الأكبر ايضاً. واحياناً تبدو حرب لبنان انها حرب لبنان، لكن نظرة أخرى وتبدو وكأنها حرب العراق. ونظرة ثالثة ولا نعود نعرف ان كانت غزة حرب لبنان ام لبنان حرب غزة.

الذين لا يعرفون تصدمهم المفاجآت الكبرى والذين يعرفون تصدمهم المفاجآت الاكبر. وعندما تطلع الدكتور أحمد أبو الغيط ورأى آثار قدم كبرى في رفح فقد اعصابه الديبلوماسية وقال بلغة العسكريين ان مصر ستقطع قدم من يقتحم حدودها عنوة. وكان الأردن غائباً عن خريطة الصراع في لبنان حتى الآن، لكن بعض المعارضة هاجمه بعنف أمس الأول فيما كان وزير خارجية سورية يسلم الملك عبد الله الثاني الدعوة لحضور قمة دمشق المقبلة.

غير أن الغيوم بدأت تتلبد فوق القمة كما هي ملبدة فوق القضايا التي ستطرح فيها: لبنان الداخلي والاقليمي وفلسطين الداخلية والاقليمية، والعراق الداخلي والاقليمي. وكل قضية اقليمية داخلية من القضايا الثلاث لها ملف دولي جاهز، أو شبه جاهز في مجلس الأمن. وليس معروفاً بعد لماذا قرر الزعيم اللبناني وليد جنبلاط رفع مستوى الصراع البارد في هذا الوقت بالذات: هل لسبب داخلي أي الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، أو لسبب اقليمي عشية القمة، او لسبب او اسباب دولية لها علاقة بأروقة مجلس الأمن وإعداد المحكمة الدولية.

لكن الواضح في بيروت انه كما فوضت المعارضة الجنرال ميشال عون ناطقاً باسمها باعتباره سيد اللاءات التي ما بعدها نعم، فإن الاكثرية فوضت وليد جنبلاط في نقل مستوى الخطاب من الرد إلى المواجهة. وما قاله جنبلاط في غضب قاله زعيم الأكثرية سعد الحريري بهدوء، لكن الرجل الغاضب والرجل الهادئ قالا في نهاية المطاف كلاماً واحداً بدا وكأنه يعكس حالا اقليمية دولية من مأزق الفراغ القائم في لبنان.

ويفهم من كلام الحريري انه اذا كان لا بد من اهتراء لبنان بالتسويف والمماطلة وتكليف عون «بمرمرة» عمرو موسى ونسف المبادرة العربية، فليكن ذلك في مواجهة واضحة وحرب معلنة. والآن الآن وليس غدا.

وربما كانت الاكثرية تأمل في ان اظهار القوة قد يعجّل في الحل. لكن الحل يبدو أبعد بكثير ولا يبدو قريبا سوى الدخان الأسود. ولبنان مثل المنطقة، لا يعرف الدخان الأبيض. أو هو ممنوع عليه.