روميو وجوليت في الطائف

TT

نشرت إحدى الصحف السعودية يوم الاثنين الماضي خبر العاشقين الآسيويين اللذين يعملان في نظافة أحد المستشفيات السعودية بمدينة الطائف، وقررا الانتحار في وقت واحد، ومكان واحد، بعد أن فشلا في الحصول على أوراق من سفارة بلديهما تخول لهما إتمام القران، فتناولت المرأة كمية كبيرة من «الكلوركس» أثناء عملها في المستشفى، وفي الوقت نفسه تناول الرجل كمية كبيرة من الأدوية المختلفة، ثم انتقل إلى المستشفى بغية أن يموت بالقرب من الحبيبة ومعها.. والعاشقان يرقدان الآن على سرير المرض بعد أن تم إسعافهما، وإن ظلت حالة المرأة الصحية حرجة بحسب ما ذكرت صحيفة «الوطن» السعودية!!

وهذان العاشقان يعيدان إلى أذهاننا ـ مع بعض الفارق ـ مصيري «روميو وجوليت» في مسرحية شكسبير، حينما انتحر «روميو» ظنا منه أن حبيبته التي كانت تحت تأثير المخدر قد ماتت، وعندما استيقظت «جوليت»، ووجدت أن حبيبها انتحر من أجلها، سارعت على الفور إلى الانتحار للحاق به..

والانتحار في الحب ليس حكرا على مجتمع دون آخر، ففي تونس انتحر قبل أعوام شاعر معروف بعدما أيقن أن حبيبته ترفض الارتباط به، وابتلع عراقي سم الفئران لأن حبيبته تزوجت من آخر، وحاول جزائري التخلص من حياته لعجزه عن الحصول على تأشيرة للحاق بحبيبته إلى أرض المهجر.. وفي موروثنا العربي يشير الأصمعي إلى حالة انتحار عاشق، إذ يروي أنه بينما كان يسير في بادية الحجاز مر بحجر كتب عليه:

يا معشر العشاق بالله خبروا

إذا حل عشق بالفتي كيف يصنع

فكتب الأصمعي تحته:

يداري هواه ثم يكتم سره

ويخشع في كل الأمور ويخضع

وحينما عاد الأصمعي في اليوم التالي إلى نفس موقع الحجر، وجد العاشق قد خط بيتا جديدا تعقيبا على ما خطه الأصمعي:

وكيف يداري والهوى قاتل الفتى

وفي كل يوم قلبه يتقطع

فكتب الأصمعي تحته:

إذ لم يجد صبراً لكتمان سره

فليس له شيء سوى الموت ينفع

وحينما عاد الأصمعي في اليوم الثالث إلى نفس المكان، وجد الشاب العاشق قد فارق الحياة، بعد أن كتب:

سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغوا

سلامي إلى من كان للوصل يمنع!

فإن كان هؤلاء يحاولون تأكيد القول: «ومن الحب ما قتل»، فأنا أقف على الضفة الأخرى من هؤلاء، وأرى أن الحب: حياة، وصبر، وأمل، وتضحية، وقسمة، ونصيب.. فتمسكوا بالحب وبالحياة.

[email protected]