أفغانستان: خرافتان أميركيتان كبيرتان

TT

بينما يواصل زعماء الغرب والكونغرس الجدال حول مسؤوليات الناتو في أفغانستان، فانه آن الأوان لإلقاء الضوء على اثنتين من أكبر الخرافات الأميركية بشأن افغانستان.

الأولى أن حميد كرزاي رئيس جيد يرعى المصالح الأميركية. والثاني أن الوضع في افغانستان يسير من سيئ الى أسوأ. وهاتان «الحقيقتان» اللتان لا يمكن تحديهما من الأخطاء الفادحة.

ويدير كرزاي الأمور بالفزع مع فساد هائل وغياب للرؤية. وانه لمن باب الثناء بالنسبة لحيوية الشعب الأفغاني والضوابط والإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الولايات المتحدة أن يزيد إجمالي الناتج المحلي لأفغانستان الى الضعف منذ الغزو. ولكن كرزاي سعى الى حرف مسار الجهود الأساسية لبناء الديمقراطية وخنق المجتمع المدني الناشئ في أفغانستان، فيقف مرارا وتكرارا مع الأصوليين ضد التقدميين.

إنه لوهم أميركي أن كرزاي هو متراس أفغانستان ضد طالبان أو النزاع الإثني، بل ان العكس هو المرجح. وفي يوم 20 أغسطس 1998 عندما أطلقت الولايات المتحدة صواريخ كروز لقتل أسامة بن لادن، أبلغ كرزاي «واشنطن بوست» بأن «هناك الكثير من الأشخاص الرائعين في حركة طالبان». أجل، لقد كافح كرزاي طالبان لفترة شهر عام 2001 تحت إلحاحنا. ولكن همه الرئيسي هو في الفوز بإعادة انتخابه، ولهذا يتعين عليه أن يكون سمسارا لأسوأ العناصر بين رفاقه من البشتون، وهم الجماعة الإثنية التي ينتمي معظم أفرادها الى طالبان، ومن هنا عرضه التفاوض مع زعيم طالبان محمد عمر وجنرال الحرب قلب الدين حكمتيار.

ويعيش معظم الأفغان اليوم في ظروف أفضل ويبعدون بلدهم تدريجيا عن الفقر. ومعظم الشمال والغرب آمن، وكذلك الحال مع معظم الشرق باستثناء بعض المناطق المتخلفة والقصية التي تقع في الحزام القبائلي على الحدود مع باكستان حيث يغيب القانون. وتظهر التقديرات الأميركية أن النشاطات المسلحة في العام الماضي ظهرت في ثلاثة أقاليم هي كونار وباكتيكا وغازني. وظهر 52 منها في 12 من أصل 158 منطقة، وحدثت 75 في المائة في 30 من المناطق.

الحرب الأميركية في أفغانستان ليست حرب مواجهات، إذ ان خسائر الولايات المتحدة كانت بفعل العبوات الناسفة التي يستخدمها المتمردون بسبب عدم استطاعتهم الاستيلاء على أراض والاحتفاظ بها أو التفوق في المواجهات المسلحة ضد القوات الأميركية أو قوات الجيش الأفغاني. الأرقام ليست مثلما يعتقد كثيرون. ففي عام 2007 وقع 89 تفجيرا انتحاريا و94 هجوما بسيارات مفخخة.

يقول الكولونيل مارتن شويتزر، قائد قوات التحالف في ست محافظات بالقيادة الإقليمية الوسطى، إن الجيش الأفغاني لم يخسر مواجهة مع طالبان منذ ابريل (نيسان) الماضي. كما أن أقل من 300 جندي أميركي قتلوا في عمليات عسكرية في أفغانستان منذ غزوها قبل ست سنوات. خسرت الولايات المتحدة 83 جنديا بالإضافة إلى مدنيين اثنين يعملان في الجيش في عمليات عسكرية خلال عام 2007 في وقت كان فيه وجود القوات الأميركية في أفغانستان يتراوح بين 24000 و27000 جندي وضابط. وفي عام 2006 قتل 98 جنديا. ويعتبر التراجع في عدد الخسائر في صفوف القوات الأميركية العام الماضي مهماً، إذا أخذنا في الاعتبار الخطر الذي تواجهه قواتنا. الاستراتيجية الأميركية تطورت من تركيز القوات في قواعد عسكرية إلى تكوين فرق إعادة الإعمار.

استراتيجية الجيش في مكافحة التمرد العام الماضي بوضع فصائل في مراكز المقاطعات وتوفير المساعدات المطلوبة على وجه السرعة في مجال البنيات التحتية أدت إلى نتائج واضحة أمام الأفغان العاديين في شرق البلاد. لا شك في أن كل مناطق حزام البشتون لا تتساوى في ناحية الأوضاع، إلا أن الجانب الأمني في تحسن. وازدادت أعداد المحافظات الأفغانية التي تقف إلى جانب الحكومة في كابل منذ تسلم شويتزر القيادة مطلع العام الماضي. وشهدت هذه الفترة تنفيذ عدد من مشروعات البنية التحتية في عدد من المحافظات.

وإذا أخذنا في الاعتبار النقطة التي بدأت منها الجهود، يمكن القول إن الوضع في أفغانستان ليس سيئا تماما، بل يمكن أن يصبح أفضل تحت ظل رئيس شجاع وحريص على أمانة وشفافية الحكومة.

* كاتبة صحافية أميركية رافقت القوات الأميركية في أفغانستان مرتين عام 2007. زارت أفغانستان تسع مرات منذ عام 2002.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»