مكافأة لمن يقرأ ويعرف ويتسامح !

TT

فكرة جميلة من مدينة صغيرة في إسبانيا لم يسمع بها أحد. المدينة اسمها نيلنما. الفكرة أن كل من يدخل المكتبة من الطلبة ليقرأ فله مبلغ يورو كل ساعة.. تشجيعا للطلبة على التردد عليها والقراة فيها.. أو حتى التفرج على مقتنيات المكتبة.. لعله يحب القراءة ويساهم في بناء المكتبة وتشجيع القراءة الهادئة، ولحظات التأمل.

ومن أجمل ما اتبعه الألمان بعد الحرب أن شروط القبول في أية جامعة هو أن يكون الطالب قد عمل في بناء الجامعة عددا من الساعات، أي لا بد أن يكون قد ساعد في حمل الطوب والحجارة والأدوات ووضع الأساس وترتيب الأثاث، هذا شرط الى جانب الشروط العلمية الاخرى، وقد عمل الطلبة ساعات إضافية كثيرة.. ولذلك قامت ألمانيا من عثرتها وتعملقت واستردت عبقريتها.. وكان الالمان يقولون بنوع كبير من الكبرياء: «إن الحرب أكلت الكثير من الأيدي وأبقت الأكثر من الرؤوس وأنهم في حاجة إلى الأيدي»!. ولما سئل أحد العلماء الألمان عن سر عظمة المانيا قال: «كنا نمر على الثكنات قبل أن ندخل الجامعة!»

أي يتعلمون الضبط والربط واحترام القانون وأداء الواجب والعمل الجماعي قبل أن يذهبوا إلى الجامعة !

وفي بلدنا المنصورة، ونحن ننحدر من اصول فرنسية وتركية ومملوكية، كانت عندنا جاليات أجنبية عديدة: فرنسيون ويونانيون وايطاليون وقليل من الألمان واليهود، وكانوا يعلموننا لغاتهم مقابل مبلغ من المال، فكنت وغيري من أبناء جيلي نتعلم الايطالية والألمانية والعبرية ونتقاضى مكافاة على ذلك.

ولم أعرف من زملائي في الدراسة من لا يتكلم أقل من ثلاث لغات وكانت هذه اللغات جسورنا الى الثقافة الانسانية الواسعة.. وكان تعدد الجاليات في بلدنا سبب التسامح الديني الواضح عندنا. وهذه العبارة الاخيرة، عندما ذكرتها في محاضرة لي في جامعة جراتس بالنمسا، أوقفت الحاضرين يصفقون لهذه الروح السمحة في بلدنا.. وتوالى المتحدثون في الاشادة بهذه الروح الجميلة، وتمنوا أن تكون دستور شعوب الشرق الاوسط .