لبنان دار حرب وبيت طاعة

TT

وجهت طهران، على كل المستويات، الاتهام لإسرائيل على أنها من يقف خلف اغتيال عماد مغنية، وفعلت الأمر ذاته سورية التي وقع الاغتيال على أرضها، وأهم من هذا وذاك، ألقى السيد حسن نصر الله كلمة يوم تشييع جثمان مغنية مهددا ومتوعدا إسرائيل بالانتقام لدم عماد مغنية، ومبشرا بأن المعركة مفتوحة بين الحزب وإسرائيل ومسرحها العالم بعد أن كان لبنان أرض المعركة.

والغريب في كل ذلك ما يلي:

كيف كان السيد حسن نصر الله يعتبر لبنان أرض المعركة مع إسرائيل، ويستبعد سورية؟ أوليس سورية دولة مواجهة، وتحتل إسرائيل الجولان، وتخترق الأجواء السورية من وقت لآخر، وليس بعيدا ضرب إسرائيل لموقع داخل سورية نفسها؟ لماذا لبنان فقط؟

الأمر الآخر، انه وبعد كل الاتهامات الصريحة والمباشرة لإسرائيل، نرى الآن جدلا سوريا ـ ايرانيا، يشترك فيه حزب الله حول اجراءات التحقيق التي ستقوم بها دمشق حول اغتيال عماد مغنية، فوزير الخارجية السوري وليد المعلم تعهد بالكشف عن القتلة بالأدلة الدامغة، بعد أن وجه الاتهام إلى إسرائيل، فلماذا هذا الاشتباك بين الحلفاء حول التحقيقات، خصوصا أنهم جميعا أدانوا إسرائيل؟ لماذا التحقيق طالما أن جميع الأطراف مقتنعة بأن إسرائيل تقف خلف عملية الاغتيال؟ أم هل ان لديهم أمرا آخر لم يكشف للرأي العام بعد؟

الواقع المتشكل أمامنا اليوم يقول إن هزة عنيفة من نوع الزلازل قد ضربت الحلفاء في طهران ودمشق وبيروت، وليس بالضرورة أن يكون الانفصال في المسارات من عواقبها، لكن الأيام الماضية، وتحت الانفعال كشفت لنا حقائق مهمة.  

كشفت كيف أن هناك اجماعا بين الحلفاء الثلاثة على أن يكون لبنان هو مسرح المعركة مع إسرائيل، فلا يهم كم مرة يحرق لبنان، بل الأهم هو خدمة أجندة طهران ودمشق وحزب الله. كما أن حديث السيد نصر الله ورده على وليد جنبلاط حين طالب بـ«الطلاق الحبي» بالقول إن «من يطلب الطلاق فليرحل من هذا البيت، فليذهب إلى أسياده في واشنطن وتل أبيب»، قد كشف عن أن لبنان حسن نصر الله ليس تعدديا، ولا تسوده مبادئ الديمقراطية، بل دار حرب وبيت طاعة، تنفذ فيه أوامر السيد، ومن لا يتقيد بتعليمات حزب الله فهو خائن وعميل.

وبذلك فعلى اللبنانيين أن يختاروا بين أن يكونوا إيرانيين أو إسرائيليين أو أميركيين، وهذا الحديث ضد تركيبة لبنان المبني على التعددية.

ما فات على السيد ادراكه هو أن لا أحد يريد للبنان أن يكون إسرائيليا أو أميركيا، مثلما أن لا أحد يريد للبنان أن يكون سوريا أو ايرانيا، بل دولة تعددية ديمقراطية مستقلة لا هي دار حرب، ولا هي بيت طاعة.

[email protected]