منع ائمة المتطرفين

TT

لم تثر ثائرة كثيرين في العالم العربي، لأن نجم الدعاة الشيخ يوسف القرضاوي منع من دخول بريطانيا، بل مر الموقف بشكل عادي، فهل فقد الشيخ شعبيته أم أن الناس ملت معارك طواحين الهواء هذه؟

أتصور أن الشيخ والقضية فقدا بريقهما. ليس الشيخ القرضاوي وحده الذي رفضت الحكومة البريطانية منحه تأشيرة زيارة لإلقاء محاضرات والاجتماع بالقوى الأصولية المتطرفة في الداخل، بل قررت المملكة المتحدة، التي اعتاد المتطرفون على شتمها، قررت أخيرا الرد، سنا بسن، فمنعت القرضاوي وآخرين من ائمة ودعاة التطرف، ضمن قائمة سوداء للمحرضين. ومع أنها تأخرت كثيرا في منع المحرضين، فإن خطوتها ستحمي بالدرجة الاولى أبناء الجالية المسلمة في بريطانيا، حتى لا تغسل أدمغتهم باتجاه العنف والكراهية.

والذين دافعوا بان القرضاوي شيخ منفتح في المسائل الاجتماعية، مثل منح المرأة الكثير من حقوقها لم يخطأوا في ذلك، لكن المشكلة انه كان ولا يزال متطرفا في التعامل مع القضايا السياسية. وبريطانيا، حتى هذا اليوم، لم تمنع او تلاحق أحدا في شأن شخصي، او اجتماعي، او تعبدي، حيث تجد نساء محجبات تماما، ومساجد مزدحمة بالمصلين. انما المشكلة تكمن في التطرف الديني المسيس الذي يقدس العنف ويدعو إليه. فبريطانيا لا تريد خلايا تجند على أرضها تقتل وتفجر باسم كشمير او فلسطين او العراق او غيرها.

لذا فان ائمة آخرين متشددين طلبوا دخول بريطانيا ردوا على اعقابهم، في سياسة جديدة ترددت السلطات البريطانية في اتخاذها لسنوات، لكنها لم تجد بدا من إغلاق الباب. فقد اتضح ان العديد من المنظمات الاصولية قد تشكلت في الداخل، وان من الافضل توجيهها بعيدا عن العنف بقطع علاقاتها بدعاة التحريض من خلال حرمانهم من القدوم الى بريطانيا. وقد نجحت سياسة التضييق على بعض غلاة الدعاة بعضهم سكت، وقلة غيرت موقفها، والبعض هرب.

عمر بكري هرب من بريطانيا بعد التضييق عليه. وكانت قد استضافته بعد أن طرد من دولة عربية، فمنحته فرصة الإقامة ومساعدات معيشية، لكن هذا المتطرف لم يحترم البلد الذي آواه من خوف وجوع. فر إلى الخارج بعد أن شوه سمعة المسلمين.

ربما المحامي منتصر الزيات حالة استثنائية حيث قيل إن طلبه هو الآخر رفض. والحقيقة ان هناك اسماء ربما ارتبطت بقضايا العنف لكن اصحابها لم يكونوا طرفا إلا بحكم الظروف، والزيات واحد منهم. فقد عرف بتخصصه في الدفاع عن جماعات متهمة بالإرهاب وناصر مبدأ حقوق المتهمين مهما كانت الادعاءات ضدهم، لكنه لم يكن طرفا في التحريض او التآمر. بطبيعة الوضع المتأزم في بريطانيا من المتوقع ان يستمر التشدد في منح التأشيرات حتى تنجلي هذه الغمة، وهذا ما حدث في الولايات المتحدة وبدرجة أقل في فرنسا وبعض الدول الاسكندنافية.

[email protected]