العراق.. هم بوش الأكبر

TT

آخر ما يمكن أن يريده البيت الأبيض هو أن تكون الانتخابات الرئاسية عام 2008 استفتاء على عدم شعبية الحرب في العراق. وشكلت انتخابات الكونغرس عام 2006 مثل هذا الاستفتاء، وتعرض الجمهوريون الى ضربة.

ولكن الرئيس بوش، الذي تعززت ثقته مؤخرا بأن استراتيجية زيادة القوات تؤتي أكلها، يتخذ خطوات من المحتمل أن تضمن انتخابات يشكل العراق دافعا لها. وهو يفضل ابقاء قوات أميركية كبيرة في العراق حتى انتخابات نوفمبر وربما يكون عددها قريبا من العدد الذي كان قبل الزيادة وهو 130 ألفا. وسيشعل ذلك الوجود الكبير نيران الديمقراطيين، مما سيجعل المنافسة الرئاسية اختبارا بين مرشح جمهوري مؤيد للحرب وديمقراطي مناهض لها.

ويضاعف بوش في الواقع رهانه على النجاح في العراق. وما لم تصبح الحرب أكثر شعبية بكثير في الفترة من الآن حتى نوفمبر المقبل، فان الموقف يمكن أن يلحق الضرر بالمرشحين الجمهوريين والحزب كذلك. ولكن بوش يبدو مزدريا تقريبا للسياسات في هذه الأيام. وقال بوش لكريس والاس في مقابلة هامة مع فوكس نيوز الأحد الماضي ان «التاريخ سيكون الحكم على الادارة. بصراحة أنا لا أهتم باستطلاعات الرأي».

وجادل بعض كبار القادة العسكريين بأن خفض القوات الثابت في العراق لتصل الى 100 ألف في نهاية العام سيخفف من الضغط على الجيش ويسمح بانتقال أكثر سلاسة الى الادارة الجديدة. ولكن بوش لا يتبنى تلك الحجة. وبدلا من ذلك يريد ابقاء قوة كبيرة جزئيا لأن ذلك يمكن أن يفتح رهان الادارة المقبلة على ابقاء مستويات القوات في أعلى مستوى، ويسمح للرئيس المقبل بخفض القوات بدون أن تصل الى مستوى يمكن أن يكون خطرا. ويبدو أن وزير الدفاع روبرت غيتس يشارك بوش وجهة نظره، بعد ان كان يميل الى تقليص القوات في نهاية العام لتصل الى 100 ألف.

وعندما يتعرف المرء على أوضاع البيت الأبيض في الوقت الحالي يشعر بأن هم بوش الأكبر هو ألا يبدد الرئيس المقبل المكاسب التي حققها في العراق، وذلك يفسر ارتياحه لكون جون ماكين هو المرشح الجمهوري، وربما السياسي الوحيد الذي يمكن أن يكون أكثر عنادا من بوش بشأن العراق. غير ان بوش يبدو أكثر ارتياحا للسناتورة هيلاري كلينتون كخليفة له بالمقارنة مع باراك أوباما، وهو ما اتضح من خلال تعليقاته في فوكس نيوز، حيث ابلغ والاس بأنه تكهن بفوز كلينتون قبل اشهر. كما دافع عن بيل كلينتون قائلا انه يفهم سبب حماس الرئيس السابق في حملة زوجته. ويبدو واثقا من أن كلينتون لن تنسحب بصورة مفاجئة من العراق، بغض النظر عن خطاب حملتها.

اما بالنسبة لأوباما فان بوش كان يشعر بالازدراء تقريبا. وقال بوش لفوكس «لا أعرف بالتأكيد ما يؤمن به». وانتقد تصريحات أوباما العام الماضي من أنه سيكون مستعدا لمهاجمة قواعد «القاعدة» في باكستان بصورة منفردة اذا تطلب الأمر، وانه مستعد للقاء مع الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد.

ورغبة بوش في الاستمرارية جلية، أخيرا، في خططه الرامية الى تقديم معلومات للمرشحين الديمقراطي والجمهوري حول العراق وقضايا الأمن القومي ما أن تنتهي الانتخابات التمهيدية. ويأمل في دفع الجانبين الى نقاش حول تحقيق عراق مستقر. ولكن في عام الانتخابات حيث يعتبر العراق مرة اخرى قضية استقطاب يحتمل ان يزدري الديمقراطيون مثل هذا النقاش باعتباره قبلة الموت.

* خدمة مجموعة كتاب «واشنطن بوست»

ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»