«سك على بناتك»!

TT

50 ألف متحرش يتجولون على شبكة الإنترنت كل دقيقة، وعشرون ألف صورة جنسية جديدة للأطفال تضاف إلى الشبكة أسبوعيا.. هكذا صرح للصحافة أحد الباحثين في استخدامات الإنترنت، فإن كان الأمر كذلك فهذا يعني «أن الليل داج ـ في الشبكة العنكبوتية ـ والكباش تنتطح، ومن نجا برأسه فقد نجح»، وقد هالني الأمر إلى درجة تذكر مسرحية فؤاد المهندس «سك على بناتك»، إذ لم يعد غلق الباب كافيا كما كان في عهد فؤاد المهندس، ولا حتى غلق النافذة، فالخطورة اليوم تأتي من الشاشة المفتوحة خلف باب مغلق في غرف أطفالنا ومراهقينا بعيدا عن الإشراف الأسري، والتوعية المصاحبة للدخول إلى هذا العالم السحري الذي يسمونه «الإنترنت»، والذي يعد حتى اللحظة أعظم اختراع بشري منذ بدء التاريخ، ولا ينبغي أن يحرم منه الأطفال والمراهقون، ولكن علينا قبل أن ندعهم يذهبون لوحدهم إلى الغابة أن نصطحبهم إليها، وأن نتدرج في تحقيق استقلاليتهم، فنعلمهم كيف يحذرون وحوش الغابة وعقاربها وثعابينها، وكيف يستمتعون بجمالياتها وثرائها وتنوع كائناتها..

فالشبكة التي تضم عطاءات العلماء والأدباء والمفكرين والفنانين، تضم أيضا قراصنة ومجرمين وأفاقين ومحتالين، وهي على نحو أو آخر تشبه الحياة، فيها من كل شيء: التقي والزنديق، الصالح والطالح، المثقف والجاهل، المصلح وقاطع الطريق.. ولدى علماء التربية نظرية تشير إلى أن الكائن الإنساني في العصر الحديث يحتاج إلى طفولة زمنية أطول من تلك التي كانت على عهد آبائه وأجداده، حينما كان يمكن للأب أن يصطحب طفله عند مفترق العمر، ومفترق الطرق، ليخبره بأن طريق الخير من هنا، وطريق الشر من هناك، أما في هذا العصر الذي اضطربت فيه البوصلة، وتداخلت الطرق، وتوجت الظلمة رأسها بألف لوحة نيون، فإن الأمر لم يعد سهلا كما كان، وعلى الأسر التي لم تزل تبكي على أطلال زمن مضى أن ترحل سريعا إلى أزمنة أطفالها ومراهقيها لترى الصورة من داخل الإطار، بعيدا عن «شيزوفرانيا» الزمن وهلوسة المسافات.

وقد كتبت قبل فترة قصة بعنوان «ماسنجر» في عبارات موجزة هي:

«تعرفت عليه من خلال «الماسنجر» فشدها إليه بحواراته الدافئة.. وحينما تزوجا كانت كلما اشتاقت لمثل تلك الحوارات تذهب إلى الغرفة الأخرى لتتواصل معه عبر «الماسنجر»، فهو رائع إلى تخوم الدهشة حينما يكون صوتا بلا صورة»..

وحينما نشرت القصة وردتني ثلاث رسائل من سيدات ثلاث، تقول كل واحدة منهن إن القصة توشك أن تلخص حكايتها بالتمام والكمال؛ ففي حوارات الشبكة يرتدي الجميع ثياب العيد!

[email protected]