هزيمة حزب مشرف.. إنها انتخابات عادلة

TT

إذا ما كانت هناك عدالة في انتخابات، فإن رفض سلطة برويز مشرف هو النتيجة لذلك. ان الجنرال الذي قاد انقلابا ضد الحكومة المدنية في عام 1999 ظل يراقب الاحزاب السياسية التي اختارها بنفسه وهي تهزم في الانتخابات البرلمانية، حتى بعدما خلع ملابسه العسكرية وسلم القيادة للقوات المسلحة، وحتى بعد الاغتيال السياسي لمنافسه الاساسي بي نظير بوتو.

ومن المؤكد ان مشرف سيتمسك بالرئاسة بالرغم من عدم قدرته على ضمان امن باكستان الوطني، وهو «السبب الرئيسي» لاستيلائه على السلطة بالدرجة الاولى. لقد ادى عقد من الزمن تقريبا من حكم مشرف الى زيادة حجم المنظمات السياسية الداخلية والدولية على الاراضي الباكستانية، بالرغم من الحرب الاميركية في افغانستان وبالرغم من جهود باكستان ضد الارهاب، وهو الجهد الذي تستمر واشنطن بالترحيب به.

في ما يتعلق بالإرهاب الدولي، تبقى باكستان اخطر مكان في العالم. فالوسائل القاتلة التي يتم تطويرها لا تؤدي إلا الى القليل في مواجهة انتشار الاسلام الراديكالي في تلك البلاد، او لماذا تعتبر باكستان واحدة من اكبر الدول المصدرة للارهاب. وبالرغم من ان حكومة جديدة ستصل الى السلطة اعتمادا على فشل مكافحة مشرف للارهاب، فلا يوجد الا القليل من الاسباب للاعتقاد ان أي شخص في باكستان او واشنطن لديه استراتيجية مكافحة ارهاب افضل.

ان تصويت باكستان ضد حزب مشرف السياسي، هو، في جانب منه، عملية احتجاج ضد ازدياد الارهاب في البلاد وفشل رجل باكستان القوي في التعامل مع مناطق الحدود، حيث زاد نشاط كل من التطرف الاسلامي المحلي وحكم القبائل وجماعات طالبان الافغانية والباكستانية والقاعدة.

ويمتدح المسؤولون الاميركيون، من ناحية، مشرف وجهوده لمحاربة الارهاب وانعدام سيطرة القانون في المناطق الحدودية. ومن ناحية اخرى فإن الضغوط السياسية الاميركية المفروضة على الرئيس الباكستاني في العام الماضي لاجراء انتخابات والسماح بعودة بوتو، وتغير سياسة مكافحة الارهاب الاميركية، يعكس الاحساس بالعجالة في ما يتعلق بالمناطق التي كان يعتقد من قبل انها «تحت السيطرة». أعتقد ان ادارة بوش قد واجهت حسابات داخلية في ما يتعلق باعتمادها ودعمها لمشرف، كما ان الزيارات المتكررة للقيادات العسكرية الاميركية والمسؤولين الاستخباريين الى البلاد في الشهور الست الماضية قد أشارت الى أن الولايات المتحدة لن تبتعد عن صديقها القديم.

ولكن لا توجد استراتيجية جديدة. ان المزيد من الغارات الفردية بطائرات البريداتور ـ ومهام اصطياد الاشخاص ـ ربما تؤدي الى قتل ارهابيين، وربما شخصيات مهمة. ولكن ألم نتعلم من ان «القاعدة» وغيرها من المنظمات الارهابية أقل مركزية وأكثر قدرة على التكيف.

وفي الواقع يمكن القول، إن الغارات الاميركية والمهام الاميركية الخاصة تدعم ما يمكن ان تفعله باكستان لبسط النظام في منطقة الحدود ومواجهة مشكلة الارهاب. الا اننا نشعر بالإرهاق من نظرية بوش بالغارات الاستباقية والعملية الفردية.

ان «الحرب» ضد الارهاب هي حرب طويلة سيجري فيها تحقيق الانتصار في عدد قليل من المعارك التقليدية. وكلما اسرعنا بالسيطرة على فراغ نظرية بوش، تمكنا من تشكيل منطلقات ذات طبيعة أقل عسكرية. ان باكستان هي الاختبار.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ «الشرق الأوسط»