من يسعى لإفشال قمة دمشق؟

TT

القمم العربية بمجملها غير ناجحة، لكن يبدو أن قمة دمشق ستكون أكثرها فشلا. والسؤال هو: من الذي يسعى إلى إفشال القمة العربية القادمة في دمشق، وما الأسباب؟ الإجابة بكل تأكيد أن سبب فشل قمة دمشق هو النظام السوري نفسه.

دمشق تريد تنظيم قمة عربية يتداعى إليها الزعماء العرب ليقف الرئيس بشار الأسد محاضرا عن القومية ووحدة الصف العربي، وشرف المقاومة، وشرف السلاح، وخطورة العدوان الإسرائيلي، ليعطي انطباعا للشعب السوري بأن نظامه ليس معزولا دوليا.

كل ذلك يأتي في الوقت الذي يسجل فيه النظام السوري سابقة فريدة وهي وجود بلد عربي بلا رئيس، حيث يريد النظام السوري احتلال لبنان بالنفوذ والوكلاء، وبالتالي تدير دمشق بيروت من داخل أقبية غرف الاستخبارات.

نضال النظام السوري ليس ضد الاحتلال الإسرائيلي للجولان، بل ضد النظام العربي، للاستحواذ على بيروت. معركة دمشق ليست لتحرير الجولان، بل من أجل احتلال لبنان.

فكيف يجتمع العرب في عاصمة تمارس فعليا تدمير عاصمة عربية أخرى؟ وكيف يقبل العرب بالابتزاز السياسي، فهل انتهاك حرمة دولة عربية مقبول لأن المحتل عربي، وليس إسرائيليا؟ وكيف يقبل العرب أن تكون «دمشق العروبة» و«سيف المقاومة الذي لا يغمد»، على حد قول الرئيس السوري، عرابة النفوذ الإيراني في المنطقة؟

من قبل تساءلت: هل بدأت إيران تصدير الثورة، واليوم أقول إن طهران تعيش عنفوان تصدير ثورتها الخمينية في العالم العربي، وبوابة التصدير هي سورية العروبة. ليست هذه المرة الأولى التي يقع فيها لبنان في كماشة النظام السوري، والتجاذبات العربيــة، لكن هــذه المرة لبنــان يقـــع تحت وطأة العبث الســوري، والنفـــوذ الإيراني، ولن يقــف الأمر عند لبنان فقط.

ما أن تنتهي معركة الاستحواذ السوري ـ الإيراني على لبنان، إلا وتكون المعركة القادمة هي معركة تأسيس دعائم السيطرة على العراق، وسينفرط العقد. هذه خطورة ما تقوم به دمشق، وهذا هو الخطر القادم على المنطقة. سورية ليست دعامة للوحدة العربية، بل سيف طهران الطائش. بعد كل ذلك هل يعقل أن تستضيف دمشق القمة العربية، وحتى لو تمت المعجزة وتم انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للبنان، فهل انتهى الخطر السوري على لبنان؟ بالطبع لا!

نظام دمشق لا يتوانى عن استخدام عملائه في لبنان، ولا يتردد عن قطع الوعود التي لا ينفذ منها شيئا، فكيف يكافأ بقمة يحاضرنا فيها عن وحدة الصف العربي، وشرف المقاومة.

عبث النظام السوري واضح لا لبس فيه، وآخره وجود عماد مغنية ـ المطلوب من اثنتين وأربعين دولة في العالم ـ في دمشق، وتلك قصة لم تكتمل خيوطها بعد. كما أن خطر النظام الإيراني، رغم كل ضحكات الرئيس نجاد، قائم ومستمر.

نظام نجاد لا يتوانى عن استخدام كل الأوراق في المنطقة، في الوقت الذي ما يزال العرب فيه يبحثون عن رأب الصدع، والاحتواء، من دون شعور بالخطر الإيراني الذي يدهم المنطقة كلها، عن طريق دمشق.

الحذر جيد، ومطلوب، لكن الأمن لا يتحقق بالحذر فقـط. ولبنـان ليس إلا حبة في مسبحة التقية السورية ـ الإيرانية.

   

[email protected]