هل توجد أزمة للمرأة السعودية؟

TT

أمضت الدكتورة ياكين اورتورك، مبعوثة الأمم المتحدة لحماية المرأة من العنف، عشرة ايام في المملكة العربية السعودية، في مؤشر جديد على فتح ابواب المملكة امام اللجان الدولية ومنظمات الحقوق المختلفة، التي كانت تشتكي في الماضي من الابواب المغلقة. بل ان المبعوثة الاممية عقدت مؤتمرا صحفيا في الرياض، تحدثت فيه عن وضع النساء، قدرت فيه الظروف الاجتماعية من جانب وطالبت من جانب آخر بالمزيد من الحماية والحقوق للمرأة. والحقيقة انه يكاد لا يمر اسبوع الا وتثار قضية المرأة في السعودية في الاعلام الدولي، من الصين الى الولايات المتحدة، حتى صارت القضية المركزية عند الحديث عن الشأن السعودي. أيضا زاد الاهتمام بمراجعة وتقييم وملاحقة حقوق المرأة في السعودية وسط المؤسسات الدولية، والمستقلة، كما انها صارت ضمن القضايا المدرجة بإصرار في نقاشات الكونغرس الاميركي والاتحاد الاوروبي، ووصلت حديثا الى عتبات الامم المتحدة، التي اصدرت بشأنها بيانا قاسيا في مطلع الشهر الحالي. والمؤكد ان الأصوات ستتصاعد حتى صار السؤال يفرض نفسه، الى أين تتجه؟ كما طال النقاش الداخل حيث تشجعت منظمات الحقوق السعودية على مناقشتها، والصحف ايضا، وطرحت في الحوار الوطني الذي ترعاه الدولة نفسها وشاركت فيه نخبة من النساء السعوديات. وقد يصعب على المشرع الدولي، او الرقيب الحقوقي، او الانسان العادي في الخارج، ان يفهم انه من السهولة مواجهة اكبر عدو داخلي او خارجي، لكن من الصعب والتعقيد حل مشكلة اجتماعية متوارثة مرتبطة بالعادات والتقاليد، دون ان يكون ذلك عذرا للتردد في ما يستوجب المراجعة والإصلاح. مع هذا لا يمكن التهوين من نمو المشكلة، التي تتحول الى قضية عالمية، قد تستخدم عن حق او باطل في الساحة السياسية ما لم تؤخذ بشكل جدي. فموضوع المرأة بدأ كقصة غريبة مثيرة للعالم الغربي وصار اليوم قضية شأن عام عالمي.

ما الحل؟

الحقيقة انه لا يوجد حل سهل، لكن المنتظر أن يبدأ نقاش على مستوى المشرعين اولا، تلعب فيه الحكومة دور المحفز، لا ان تفرض قراراتها على المجتمع. فالقرارات لا قيمة لها ما لم يكن لها تأييد شعبي، ولا قيمة لقرارات شكلية، او تجميلية، مثل تولية امرأة منصب وزير ان لم يكن الباب مفتوحا لكل النساء في معظم الاعمال. فمشكلة المرأة في العالم الثالث بشكل عام عويصة ومتجذرة ولا يمكن اختصارها في التعيينات السياسية او الوظيفية العليا. فهي في بنغلاديش رئيسة وزراء، وكانت رئيسة وزراء في باكستان، وتقلدت مناصب عالية في عدد من الدول الآسيوية والأفريقية الأخرى لكن الصورة الحقيقية تقول ان الغالبية الساحقة من النساء يقبعن في المراتب الدنيا تماما، ويعاملن معاملة سيئة. وبالتالي فتقليد امرأة منصبا عاليا يحسّن صورة الدولة ويخدم فئة صغيرة من النساء المحظوظات، لكنه يسهّل التستر على اوضاع الغالبية من النساء المنسية من الحقوق والمحرومة من الفرص. الوضع الموروث يمكن تغييره بالتثقيف والنقاش الهادف اولا. فالمرأة في بلد كالسعودية، كانت تعمل في الحقل او الاسواق وكانت تركب الجمال والحمير. اليوم هناك مئات الآلاف من النساء خريجات جامعات او معاهد لا يعملن الا في وظيفة وحيدة، هي التدريس، وقلة تعمل خارجها. المنع المفروض عليهن اضعف دخل الأسرة ووضع المرأة، وجلب ملايين الاجانب.

وهنا يأتي دور المتنورين من رجال الدين الذين يعرفون كيف كان دور المرأة في الاسلام واسعا على مدى ستة قرون، وتراجعت اوضاعهن ونظرة المجتمع اليهن في القرون الثمانية اللاحقة، التي تمثل عصور الانحطاط.

[email protected]