نجاحنا يتطلب دعما أميركيا مستمرا

TT

بعد شهور من الاضطرابات، بما في ذلك موت بي نظير بوتو، الرمز الوطني البارز، وحالة عدم الاستقرار التي أعقبت ذلك تمكنت باكستان بنجاح من إجراء انتخابات مهمة تعتبر حدثا بارزا في تاريخ باكستان بعد استقلالها.

انتقال باكستان إلى الديمقراطية أمر ضروري لتحقيق المصالحة. الحكومة من جانبها بذلت جهودا مستمرة لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة وسلمية. لتحقيق ذلك طبقت مجموعة من الإجراءات، مثل الفرز العلني في مراكز الاقتراع ـ وذلك بهدف جعل هذه الانتخابات الأكثر نزاهة في تاريخ الانتخابات في باكستان.

الأهمية التاريخية لهذه الانتخابات جعلت الوقت الراهن بمثابة اللحظة المناسبة لإجراء نقاش صادق بشأن الفرص والتحديات التي تواجه كلا من باكستان والولايات المتحدة، التي يجمع بينها والشعب الباكستاني قاسم مشترك يتمثل في أهمية وجود حكومة ديمقراطية في إسلام آباد.

تواجه باكستان ثلاث مهام رئيسية تتلخص في هزيمة الإرهاب والتطرف وبناء حكومة ديمقراطية وإيجاد أساس راسخ للنمو الاقتصادي. وبما أن هذه أهداف مشتركة بين الغالبية الساحقة للباكستانيين، فأنا متأكد من اننا سنحققها، وأنا على استعداد للعمل مع البرلمان المنتخب حديثا لتحقيق هذه الأهداف.

هل لا نزال نواجه تحديات؟ بالتأكيد. هل هناك فرص كبيرة أمامنا؟ الإجابة نعم بالتأكيد. اقتصادنا قوي ويزداد قوة. قواتنا المسلحة تتحلى بالإخلاص والمهنية وملتزمة بإقرار النظام العام ووحدة نظامنا السياسي. الأهم من ذلك ان الغالبية العظمى من سكان باكستان (160 مليون نسمة) ملتزمة بقوة بنظرة معتدلة للإسلام وللازدهار الوطني الذي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التحديث.

بالنسبة للإرهاب، دعوني أكون واضحا تماما: تواجه باكستان وتحارب هذا التهديد بشكل دؤوب. فالقاعدة وحلفاؤها أعلنوا الحرب على العالم المتمدن وحكومة باكستان المعتدلة وشعبها هما هدفان أوليان لهم. وأثار البعض تساؤلات حول مدى التزامنا في محاربة التطرف. في الحقيقة هناك أكثر من 1000 عسكري باكستاني ضحوا بحياتهم في محاربة القاعدة وطالبان خلال الأربعة أعوام الأخيرة، وهناك 112 ألف جندي منغمرون تماما في القتال ضدهما على امتداد حدودنا مع أفغانستان. ونحن سنستمر في العمل عن قرب مع حلفائنا الأميركيين في نضالنا المشترك للتخلص من التطرف العنيف.

لكن كما كشفت التجربة للأميركيين في العراق، لا تكفي القوة العسكرية لوحدها. فمحاربة ناجحة للتمرد تتطلب مقاربة متعددة العناصر من عسكرية إلى سياسية إلى اقتصادية. وتركز استراتيجيتنا السياسية على عزل الإرهابيين عن أولئك المواطنين الذين يعيشون بالقرب من الحدود مع افغانستان. وتجلب استراتيجيتنا الاقتصادية التعليم والفرص الاقتصادية والفوائد الناجمة عن التنمية إلى تلك المناطق. ومثلما علمنا التاريخ فإنه حينما تتحسن أوضاع هؤلاء الناس وأوضاع أولادهم فإنهم يبدأون بالوقوف ضد العنف ويبدأون بالسعي نحو السلم والمصالحة.

لكن نجاحنا يتطلب دعما مستمرا من الولايات المتحدة، وأنا أريد أن أسأل الأميركيين كي يتذكروا أن بناء الديمقراطية عمل صعب في أفضل الظروف: والقيام بذلك في بلد صعب مثل باكستان مع تاريخها السياسي العسير ومع قرون من الخلافات الإقليمية والصراعات الاقطاعية ومع عنف المتطرفين الذين كرسوا أنفسهم لهزم الديمقراطية، يجعل الوضع أكثر تحديا وصعوبة. ومثلما أظهر التاريخ فإن التحول السلمي إلى الديمقراطية يتطلب قيادة الحكومة له واستعداد الشعب للقبول بأفكار الديمقراطية. والشعب في باكستان أظهر يوم الاثنين الماضي استعداده لذلك، فإن الوقت أصبح مناسبا كي يعمل زعماء الحكومة معا كي نقوم بواجباتنا.

* الرئيس الباكستاني

*خدمة «واشنطن بوست»

ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»