عماد مغنية.. والسيادة

TT

خلال مشاركتي في برنامج خاص، أقامته كلية جون كندي للدراسات الحكومية، في جامعة هارفرد (أغسطس 2003)، كان النقاش حول إحدى الحالات القانونية، المطلوب منا دراستها، وهي قضية اختطاف السفينة (Achille Lauro) عام (1985)، فتحدث أستاذ القانون الدولي بجامعة هارفرد، البرفيسور (Philip Heymann) عن التداخلات القانونية الدولية، التي حصلت في تلك القضية، وكيف أن مفهوم (سيادة الدولة) يكون عاملاً مؤثراً في القانون الدولي. حيث أن مفهوم السيادة: أنه لا كيان يطغى على السلطة الشرعية للدولة. ثم يبدأ العد التنازلي لانتفاء السيادة: كلما ضعفت الدولة، أو أحست بأنها في خطر وبدأت في السماح بالتدخلات الخارجية في شأنها الداخلي.

بعد نقاش طويل حول مفهوم السيادة، طرح البرفيسور (Heymann) سؤالاً مهماً، وهو: بما أن معظم ضحايا انفجار الخبر في السعودية عام (1995) من الأمريكيين؛ هل يحق للولايات المتحدة الأمريكية، ممثلةً في (F.B.I)، أن تتدخل في مجريات التحقيق داخل السعودية؟ فأجاب أغلب الحضور (وهم من المسؤولين الأمريكيين، ومن بعض دول العالم من القطاعين: العام والخاص، المشاركين في البرنامج) بأن ذلك من الضروريات! كونها الأقوى في العالم، وحليفاً رئيساً للسعودية ولديها التقنية العالية للمساعدة في مجريات التحقيق.

وحينما جاء دوري في المداخلة، قلت: إنني لا أعلم ما جرى في ذلك التحقيق، لكن المعروف أن العلاقة بين بلدي المملكة العربية السعودية، وبين الولايات المتحدة الأمريكية، علاقة متميزة، وأن بين البلدين تحالفاً استراتيجياً. لكنني أدرك – تمام الإدراك – أن القرار السياسي لبلدي يبقى في يدها، مهما كانت الظروف، وأن أي نوع من المشاركة في التحقيقات سيكون من خلال القنوات الدبلوماسية، حسب الإجراءات المعتادة بين الدول. ويبقى القرار النهائي في يد حكومتي، حكومة المملكة العربية السعودية.

فعلق البرفيسور (Heymann) قائلاً: إن السعودية رفضت ـ رفضاً قاطعاً ـ مبدأ المشاركة في التحقيقات، وعلل ذلك بقوله: إن ذلك حق سيادي، مارسته السعودية.

عادت إلى ذهني تلك المناقشة، حول الموقف (السعودي/ السيادي)، إثر الموافقة السورية على طلب إيران: المشاركة في تحقيقات اغتيال (عماد مغنية)! على الرغم من حساسية الحادثة، وانتفاء المبررات؛ إذ لا توجد ضحايا إيرانيون (كما الأمريكيين في الخبر) ولا يوجد ضرر مادي ينال إيران، من أي نوع كان.

بدوره في تفجير الخبر، كان (عماد مغنية) عاملاً مشتركاً في تأكيد (سيادة الدولة) في السعودية، وخرم (سيادة الدولة) في سوريا. وهذا من عجيب القدر!

* كاتب سعودي

[email protected]