عليه رحمة الله

TT

هناك مجتمعات تعتز بنجومها المهنيين، فيبرز منها الأطباء والمحامون والمعلمون والمحاسبون والمهندسون والمعماريون. والمعماريون تحديدا يتركون بصمة جمالية واضحة لا يمكن إغفالها، والناجحون منهم يعكس عملهم جمالية نفوسهم. ففي مصر تكونت أسطورة المعماري الأشهر حسن فتحي، الذي كان له الفضل في استحداث مفهوم عمارة الفقراء، وهناك فرانك لويد رايت أهم معماري أمريكي الذي سحر الناس بأسلوبه الجديد، وهناك زها حديد المعمارية العراقية الفذة التي لا تزال تأسر العالم بأفكارها ونماذجها. وفي لبنان هناك بيير الخوري المعماري صاحب التصاميم المبهرة. الانجليز يفتخرون بنورمان فوستر بأعماله الناجحة، وفي السعودية برز اسم المعماري عبد العزيز كامل كصاحب رؤية إبداعية مميزة، وكان من أوائل من وضع اسلوبا حضاريا لمفهوم التطوير الحضاري للمعمار، فأطلق مشروع «البيوتات» بمدينة جدة، الذي كان أول وأنجح حي متكامل معد ومخطط بدراسة وتمعن، وتبعه بعد ذلك بمشاريع خلاقة وبالغة الجمال كـ«بيوتات الأعمال» وذلك لخدمة قطاع الأعمال، و«بيوتات البحر» و«ديار البحر»، وهي تعمل على استغلال عنصر منظر البحر الأحمر بشكل جمالي، وتسخير ذلك لأجل مفهوم مريح للمعيشة، وتوسع أيضا ليطلق «برج الجوار» بمكة المكرمة بمفهوم جمالي وخدمي مميز ولافت.

عبد العزيز كامل انتقل الى رحمة الله، مخلفا إرثا بالغ الأهمية من العمل المهني الناجح والعمل التطوعي الناجح، كان انسانا بكل معنى الكلمة، أجمع كل من عرفه على محبته واحترامه، اختار لنفسه خطا مهنيا مستقلا، وحفر لنفسه اسما ناجحا معتمدا فيه على الإرث الحضاري الاسلامي، بدون أن يكون مروجا له بأسلوب رخيص. كان حريصا على التواصل مع حضارات العالم والانفتاح على علومه، وأصدر كتابا قيما فريدا من نوعه في المكتبة العربية عن علاقة المعمار بالتنمية والجمال. كان دؤوبا في تطوير أعماله واستحداث الأفكار، كان يسأم البيروقراطية ويؤرقه الجهل وانحدار المستوى التعليمي، ويستغرب من انتشار التطرف والتزمت، كان معتزا بدينه فخورا ببلاده وسعيدا بمهنته، وتتلمذ وتدرب على يديه أرتال من أبناء بلاده، فلقد كان حريصا جدا على إعداد أجيال جديدة من المعماريين وتسليحهم بالثقة بالنفس والالتزام الاخلاقي والمهني.

عبد العزيز كامل انتقل الى رحمة الله مخلفا تاريخا مهنيا يمكن ان يطلق عليه، وبكل ثقة تاريخ محترم سيفتقده كل من عرفه وعاشره وشاهد بصورة مقربة دماثة خلقه وحسن دينه ونبل طباعه، وسيحترمه كل من تعرف على أعماله وسجله الاخلاقي والمهني.

رحم الله عبد العزيز كامل رحمة واسعة، وسخر علمه لكل مهني يحترم عمله ويقدره، ففي سيرته الشخصية عبر ودروس جميلة للكثيرين. شخصيا سأفتقدك كثيرا يا صديقي وسأشتاق جدا لحديثنا.

[email protected]