سياحة تعدد الزوجات!

TT

«عندما تكون للرجل أربع زوجات في أربع مناطق مختلفة، فهذا من شأنه أن يدعم شركات الطيران والفنادق وتأجير السيارات، وسيكون منفذا جيدا لدعم مفهوم السياحة».. هذا جزء من نص خبر نشرته صحيفة «الوطن» السعودية بعنوان: «خلط بين تعدد الزوجات ودعم السياحة يثير سيدات جدة»، وقد جاء هذا الاقتراح المدهش الغريب لتطوير السياحة في مداخلة رجالية ضمن ملتقى السياحة والاستثمار الخليجي الذي عقد بمدينة جدة.

وكل ما أستطيع أن أقوله في مواجهة هذه المداخلة أن مفهوم السياحة لدينا لم يزل مفهوما متعثرا لم ينضج بعد، فكثرة المنظرين في هذا الحقل توشك أن تغرق سفينة السياحة الداخلية حتى قبل أن تبحر، فالرجل الذي ينتقل بين زوجاته الأربع في المدن المختلفة لا أدري تحت أي تصنيف يمكن اعتباره سائحا بمفهوم السياحة، ناهيك عن الأطفال الذين تنتجهم هذه العلاقات الزوجية السياحية، وصلاتهم بآبائهم «السياح» الذين يطلون عليهم في مواسم السياحة، ومهرجانات التسوق!

كم تمنيت أن ننأى بمؤسسة الزوجية لنضعها في المكان الذي تستحقه بعيدا عن ربطها بدعم شركات الطيران، والفنادق، وتأجير السيارات، وغيرها من المفردات الاستهلاكية المتضخمة.. وليت صاحب المداخلة الذي يعتزم تقديم برنامج تدريبي تحت عنوان «الجوانب الإيجابية لتعدد الزوجات» أن يؤكد لمن يدربهم على أهمية الاستقرار الأسري، وانعكاساته على التربية، والخطورة التي تترتب على غياب الآباء الذين يشكلون السلطة الضابطة بالنسبة لأطفالهم، فتعدد الزوجات ينبغي أن ينظر إليه مقرونا بالمسؤولية النفسية والتربوية تجاه الزوجة والأطفال وإلا كان عبئا بنتائجه على كاهل المجتمع.

في القديم كان الخبازون يخبزون الأرغفة التي تصنع في البيوت مقابل أجر معلوم فيأخذون مقابل خبزهم أرغفة صغيرة تسمى «حنانة»، ومن هنا نشأ المثل: «لهم في كل قرص حنانة»، والرجال هذه الأيام حالهم حال الخبازين، لهم في كل عرس قرص، حتى السياحة يريدون أن يخترعوا لها ارتباطات زوجية، وحسنا فعلت عميدة كلية الآداب بجامعة الملك فيصل المشاركة في جلسة الملتقى حينما رفضت التعليق على تلك المداخلة، واكتفت بابتسامة، فليس سهلا على امرأة مثقفة أن تعلق على هكذا مداخلة تعصف بمفهوم السياحة، كما تعصف بمفهوم استقرار الحياة الزوجية في ظل هذا الزواج السياحي الجوال.. وحسبنا الله.

[email protected]