قمة دمشق تتحدى دمشق

TT

منذ نحو شهرين والساسة في المنطقة يتطلعون الى العاصمة السورية على أن تصمم القمة العربية لتكون قمة الانفراجات، على الأقل في لبنان، بإعلان انتخاب رئيس للجمهورية يشارك في القمة. الآن بات على سورية ان تختار بين تنظيم قمة ناجحة تغير علاقاتها الاقليمية بشكل كامل، وتنهي أزمة النظام الذي وجد نفسه فيها منذ اتهامات اغتيال الحريري، أو أن تتورط في قمة فاشلة تضيق على البلاد أوضاعها وتفوت عليها فرصة ثمينة قد لا تتاح مثلها في وقت قريب.

كلنا نعلم ان السوريين ارتكبوا أخطاء استراتيجية كبيرة في لبنان والعراق، وفي العلاقة مع اعمدة الانظمة السنية في مصر والسعودية، اخطاء خطيرة في حق سورية نفسها ومستقبلها من اجل نزاعات صغيرة او بسبب حسابات مغلوطة. وهي الآن تضيف اليها خطأ آخر ان اعتبرت استضافة القمة مناسبة دعائية من دون ان تقدم شيئا يصلح الوضع في لبنان تحديدا كونه لا يزال خاضعا للنفوذ السوري. فالدول المعنية تشعر ان الجميع تقريبا في لبنان أقروا باختيار رئيس للبلاد، كونه طرح من قبل المعارضة ووافقت عليه الاغلبية اللبنانية، ولم يعد هناك مبرر لتعطيل التنصيب إلا لغرض إطالة الأزمة وتخريب الوضع في لبنان.

ثقوا ان قمة دمشق بالغة الخطورة. عمليا، إما ان تضمد الجروح وتصلح العلاقات المكسورة، أو تعلن حربا مفتوحة بين ما تبدو انها معسكرات عربية تتمترس فيها الاطراف المختلفة. وفي تصوري ان الرابح الاكبر، او الخاسر الأكبر في قمة دمشق هو سورية نفسها وليس مصر او السعودية او غيرهما من الدول المعنية. والمثير للاستغراب ان الثمن المتوقع لإنجاح القمة وإصلاح العلاقة من سورية صغير جدا، هو القبول بما قبل به كل اللبنانيين تقريبا، رئيس جمهورية يسد الفراغ ويهون من مخاطر التنازع اللبناني الذي يريد له البعض ان يكون ساحة حرب اقليمية. وحري بنا ألا نكون اكثر حرصا من القيادة السورية على ان تجعل من دمشق قمة مصالحة ناجحة، لأن سورية قبل غيرها هي من يحتاج الى مثل هذا النجاح. فسورية هي اكثر الدول العربية تحت الخطر، بسبب العراق ولبنان وايران وفلسطين، فهل توجد دولة في العالم تستطيع تحمل مثل هذا الجوار الملتهب كما نراه يتقاطع فعليا في الشام؟

وتجيء القمة مناسبة طبيعية لأن توظفها دمشق من أجل المصالحة السورية العربية الضرورية لها، ايضا حتى تعطي البرهان للمواطن السوري القلق جدا منذ سنوات على ان المستقبل يسير نحو الانفراج.

[email protected]