المنازل الذكية في عالمنا العربي: مستقبل واعد وتحديات

TT

بفضل تكنولوجيا الاتصالات الحديثة وأجهزة الكومبيوتر والبرامج والأنظمة الذكية، لم تعد منازل المستقبل خيالاً علمياً، بل أصبحت حقيقة واقعة، تبشر بمستقبل مشرق وآفاق واعدة بالكثير للبشر، حيث ستسهل أعمالهم ومتطلبات حياتهم اليومية، حتى في غيابهم عنه. فعلى سبيل المثال ستقوم المنازل الذكية بكافة الأعمال الحيوية التي يحتاجها الإنسان، كما ستحافظ على صحته وسلامته، فلن نقلق من نسيان إغلاق المصابيح الكهربائية أو المطابخ أو الأبواب الخارجية أو النوافذ، كما ستحمينا أكثر من السرقات، فسوف يكون بإمكاننا أن نتحكم في كل شيء تقريباً عن بعد بالريموت، من السيارة أو من الهاتف المحمول، كما أن منازل المستقبل ستساعد في تنبيه الفرد وإيقاظه في الوقت المطلوب، وتذكيره بمواعيد الدواء وتحديد درجة الحرارة المناسبة للاستحمام، وغيرها من مهام يصعب على الفرد القيام بها، ليس هذا فحسب بل سيكون للمنازل الذكية إحساس وشعور خاص بما يحبه أو يكرهه مالكها، الى غير ذلك من آفاق، تساعد على تحقيق استقلالية أكثر ودون مخاطر.

وقد بدأت بالفعل أعداد كبيرة من الباحثين ومراكز ومعامل البحوث التجارية والصناعية في بناء المنازل الذكية واختبار العديد من التقنيات الحديثة التي تؤسس لحياة الكترونية أكثر يسرا وسهولة.

وقد بدأ عالمنا العربي في التوجه نحو تصميم المنازل الذكية، وتشير دراسات حديثة لاتجاه سوق العقارات، الى أن دول الخليج عموماً والسعودية خصوصاً، مرشحة لأن تكون هي الأكثر تقدماً في التحول نحو استخدام المنازل الذكية، كما أن السوق السعودي يتجه خلال السنوات القليلة المقبلة للتحول نحو تطبيق المنازل الذكية، ايضا أعلنت دبي العام الماضي التحول نحو المنازل الذكية.

ورغم الاهتمام المتزايد بالمنازل الذكية وآفاقها الواعدة وقيمتها في سوق العقار العربي، الا أن السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو، هل عالمنا العربي مؤهل بالفعل للتوجه والتحول نحو تصميم المنازل الذكية، رغم التحديات الكثيرة التي نواجهها، وبخاصة التحديات المعرفية؟ اذ تكشف حقائق تقارير التنمية البشرية في العالمين العربي والإسلامي عن تفشي الأمية والجهل في عالمنا، بالإضافة الى الميزانيات الفقيرة المخصصة للتعليم وضعف برامج التعليم والمستويات المنخفضة لمخرجات التعليم، ووضع الجامعات في العالم العربي بين جامعات العالم، والمعدل المحدود للإنفاق والاستثمارات في البحوث والتطوير في عالمنا العربي، هذا بالإضافة الى الأمية التكنولوجية والعلمية في عالمنا العربي، وهل لدينا عدد كاف من الخبراء والاستشاريين الهندسيين القادرين على تنفيذ مشاريع المنازل الذكية، وما الذي يمكن أن يحدث في حالة حدوث خلل ما في أحد تقنيات المنازل الذكية، وهل مالكو المنازل الذكية لديهم الوعي التقني الكافي لمواجهة والتغلب على أية أعطال يمكن أن تحدث وقد تتسبب في عواقب وخيمة، وهل خدمات الصيانة العامة والأمان لهذه المنازل كافية ويقوم بها متخصصون اكفاء، الى غير ذلك من تساؤلات مشروعة تفيد الإجابة عنها في ارساء أرضية صلبة وقوية للانطلاق منها نحو تشييد المنازل الذكية في عالمنا العربي.

خلاصة القول ان المنازل الذكية في عالمنا العربي تحمل في طياتها آفاقا واعدة، فلم تعد من الكماليات، بل أصبحت ضرورة تفرضها متطلبات العصر وانتشار التقنيات الحديثة والأنظمة الذكية، لكنها في نفس الوقت تتطلب دراسة متأنية للصعوبات التي من الممكن أن نواجهها، وبخاصة مع ندرة الكفاءات العاملة في مجال التقنيات الحديثة عموماً والذكية خصوصاً، كما أن هناك ضرورة ملحة لأن يصاحب مشاريع المنازل الذكية في عالمنا، محو للأمية التكنولوجية والعلمية، وهذا يأخذنا الى ضرورة وجود إعلام علمي متميز يساير اتجاهات العلم والتكنولوجيا الحديثة متمثلاً في ضرورة وجود فضائيات علمية وصحافة ومجلات علمية متخصصة في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وبخاصة الذكية منها، لتنمية الوعي العلمي وإكساب مواطنينا مهارات التقنية الحديثة التي تعد ضرورية لإعدادهم لاستقبال المنازل الذكية وكيفية التعامل معها.

* كاتبة وباحثة مصرية

في الشؤون العلمية