رأي أوباما في إسرائيل

TT

تقول الجيروزالم بوست إن باراك أوباما كان صريحا في اجتماع مغلق له مع أفراد من الجالية اليهودية الأميركية في كليفلاند. فقد أبلغهم المرشح الديموقراطي، الأكثر إثارة في الانتخابات حتى الآن، بألا يخلطوا بين نقد حزب الليكود وإسرائيل، رافضا اعتبار نقد الليكود اليميني موقفا معاديا لإسرائيل. ورفض محاسبة من يتساءل في شأن السلام على أن صاحبه متهاون أو معاد لإسرائيل.

أي أننا الآن نسمع شيئا جديدا وغير مألوف تجاه العرب وإسرائيل في ذروة الانتخابات الأميركية. فليس من طبع المرشحين تعقيد أوضاعهم بأخذ مواقف غير تقليدية. عادة يخشى المرشح الأميركي مواجهة اللوبي الصهيوني، كما يخاف مواجهة اللوبي الكوبي المعارض لنظام كاسترو، ويتحاشى في كل تجمع ما يغضب السود أو البولنديين أو حتى المثليين. فمن يريد الفوز عليه أن يجمع أكثر الأصوات باستعداء أقل ما يمكن من الشرائح الناخبة. قاعدة لا تغيب على مرشح طموح، مثل أوباما، مما يعني أنه يحمل رؤية جيدة حول إسرائيل، وربما مجمل الصراع القائم في المنطقة.

فالمشكلة التي كانت تواجه السياسيين الأميركيين هي الخلط بين جملة قضايا، الهولوكوست، ووجود إسرائيل ككيان مضمون ضد التهديدات، هذا من جانب، وقضايا سياسية أبرزها احتلال أراض ثلاث عربية، والعدوان على الجيران، وتشريد ثلاثة ملايين لاجئ فلسطيني، وتعطيل مشروع السلام، من جانب آخر.

فقد اعتاد المرشحون على تأييد كل ما تفعله الحكومة الإسرائيلية، مهما كان بشعا أو مخالفا للقوانين الدولية، اعتقادا منهم أنه يبعد عنهم ضغوط اللوبي الإسرائيلي، إن لم يطعمهم مساعداته.

أوباما انتقد الخلط بين القضايا واعتبر نقد حزب متطرف كالليكود أمرا مباحا كونه موضوعا سياسيا، من دون ان يخطئ سياسيا فيتخذ موقفا معاديا لإسرائيل نفسها. موقف لا يفهمه الجانب العربي، وقد لا يقبله أيضا المتطرفون اليهود، الذين اشتهروا بأنهم في تطرفهم وعدوانيتهم أكثر من متطرفي إسرائيل نفسها.

وأوباما شخصية غير عادية لأنه صنع نجاحه بنفسه، شخصيته وبلاغته وأفكاره وكذلك شجاعته السياسية. وما حققه حتى الآن يكاد يكون معجزة حيث بلغ الآن آخر مراحل التنافس الحزبي، وبات قاب قوسين أو أدنى من أن يصبح مرشح الحزب الديموقراطي، ليكمل بعدها مشوار السباق الانتخابي ضد مرشح الحزب الجمهوري. وليس ضروريا أن يكون أوباما محبا للعرب أو متعاطفا مع القضية الفلسطينية، فهذا لا يكفي ولا يفيد. الأهم أن يكون قادرا على جمع الأميركيين من حوله، وقادرا على إقناعهم بأهمية التوصل الى حل نهائي. ومن المؤكد أن أي رئيس قوي، ملتزم بأفكاره نحو سلام عادل، سيأخذه الإسرائيليون على محمل الجد، كما سيضطر المتطرفون العرب الى الإصغاء اليه. وفي تصوري أنه إذا ما فاز أوباما، أو جون ماكين مرشح الحزب الجمهوري، فإننا سندخل في مرحلة تفاوض أكثر جدية حول سلام شامل، بحكم الشخصية البراغماتية عند الاثنين. ومن المبكر الحكم على موقف المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون لأن كل ما تصرح به دعاية انتخابية كاملة لصالح إسرائيل. لا ندري إن كانت تنوي إكمال طريق زوجها، الذي اختتم رئاسته بأفضل مشروع سلام وضع على الطاولة، أو انها تنوي مجاملة متطرفي يهود نيويورك بشكل مستمر.

[email protected]