بشهادة الببغاء

TT

اعتاد الناس في الزمن الأول على ائتمان الكلب على شرف زوجاتهم. اذا كانت المرأة جميلة وفاتنة وكان الزوج حريصا وغيورا، جاء بكلب شرس يتركه معها عندما يخرج من البيت. ما ان يأتي عشيق لها ويبدأ بمداعبتها حتى يهجم عليه ويعضه ويقطع لحمه إربا إربا. وتكون العضة وخيمة العقبى اذا كان الرجل قد خلع سرواله وكشف عن عورته. بيد اننا لم نعد نسمع عن ذلك في هذه الأيام . الظاهر أن الكلاب في الغرب أخذت تعتاد على الخيانات الزوجية فلم تعد تعبأ بالأمر قليلا او كثيرا. او ربما ان العشاق اكتشفوا حب الكلاب للعظام فيأتون بعظمة لذيذة يرمونها لها ويشغلونها بها فيما ينهمكون هم بقضاء حاجاتهم الغرامية.

غير أن الببغاء على ما يبدو قد أخذ يحل محل الكلب في حراسة العرض والشرف. وهو ما حصل بلندن للمستر كرس تيلر الذي امتلك ببغاء ظريفا تميز بالذكاء وفصاحة اللسان.

الببغاوات طيور معتادة على إثارة المشاكل والمقالب بمحاكاتها لما تسمعه. وهو ما وقع به ضابط الماني. اشترى واحدا اثناء احتلال باريس فوجد ان الفرنسيين قد علموه ان يقول «يسقط هتلر». بالطبع يطلق عليه النار ويقتله. أخيرا فكر بشراء واحد من الكنيسة على اعتبار انه هناك لا يتعلم غير الكلمات الدينية. جاء به للبيت وراح يمتحنه أولا ويتأكد منه فوقف أمامه وهتف «يسقط هتلر» فأجابه بصوت رزين «آمين».

بعد بضعة أشهر من الاستمتاع بصحبة ببغاء ذكي وفصيح، لاحظ المستر تيلر انه كلما رن جرس الباب، أخذ الببغاء يشنف آذانه ويردد: «هلو هنري!...هلو هنري!..»، تجاهل الأمر، ولكنه بعد أيام قليلة لاحظ أنه كلما بادر إلى مداعبة زوجته وملاعبتها ينظر إليه الببغاء ويردد: حبيبي هنري.. حبيبي هنري!.. احبك يا هنري... احبك يا هنري..».

تذكر عندئذ أن هنري اسم صديقه، هنري ميشل الذي اعتاد على زيارتهما. عزم على التحقق من الأمر فتربص بالبيت ليكتشف أن صديقه هنري هذا كان يزور فعلا زوجته خلال غيابه في العمل. استنطقها واستشهد بما سمعه من هذا الطير الناطق. فاعترفت له بعلاقتها الغرامية مع هذا الصديق. انتهى الأمر بالطلاق، فقد تبين ان المحاكم البريطانية تأخذ بشهادة الببغاء فقضت بتطليق الزوجة وتحميلها مصاريف الدعوى.

غير ان المشكلة لم تنته بذلك بالنسبة لهذا الزوج الغيور، وهو شيء نادر في بريطانيا في هذه الأيام. فكلما رن جرس الباب، واصل الببغاء ما تعلمه: هلو هنري... هلو هنري.. وكلما جاء الرجل بامرأة جديدة يهواها، انطلق الببغاء يردد: حبيبي هنري... احبك يا هنري.. احبك يا هنري... فيعذبه بذكريات ذلك الزواج الفاشل والخيانة التي انتهى اليها.

لم يجد المسكين في الأخير أي خيار غير ان يتخلص من ذلك الببغاء الناطق بالفضائح. وكان يوما كئيبا حالكا بالنسبة له. قال للصحافيين انه لم يحزن على فراق زوجته كما حزن على فراق ببغائه.