«باراك».. عصي الدمع!

TT

فجأة تحول باراك أوباما، مرشح الرئاسة الأمريكية عن الحزب الديمقراطي، إلى حبيب الكل، وأصبح حديث الكثير من المجالس و«تميمة» قصص النجاح السياسية. وعربيا كما كان يقولون في السابق «الكل يدعي حب ليلى» واليوم الكل يدعي القرب من «باراك»، فما بين الطرفة والجد والنكتة والحقيقة، يجري الآن تداول قصة أسطورية (لا تصدق بطبيعة الحال!) وهي أجداد، أجداد باراك أوباما هاجروا من قريش إلى الحبشة، ومن هناك انتشروا في بلاد القرن الأفريقي حتى وصلوا إلى كينيا!! وطبعا في تلك المجالس تستمع إلى اسم أوباما كاملا، فينطق باراك حسين أوباما، ويرفع الصوت حين ذكر اسم حسين (وهو اسم زوج والدة أوباما الإندونيسي، وليس والده الكيني) ويقولون الاسم ويفسرونه على أن «باراك» مشتق من البركة، وأن البركة آتية لا ريب فيها وستحل علينا وعلى أحبابنا، أما أوباما فهي، وهذا تفسير تأويلي آخر بـ«ياخذ العقل»، أوباما هي من الشجن الشبيهة بالعتابا والميجنا، وأحد المفسرين قال إنه من الممكن ترديد «أوباما يا دموع العين» وأنه بذلك سيتم تحقيق نفس المعنى، وطبعا أهل أفريقيا الذين يبحثون عن بطل أسطوري منهم يحكم الدول الأكبر في العالم، ففي أفريقيا شعبية «أوباما» بلغت مستويات كبيرة جدا تقترب من نجوم الغناء وكرة القدم، وتسطر حول سيرته القصص والحكاوي الهائلة والصعبة التصديق، وفي مجتمع الأفارقة الأمريكان هناك شعور مختلط، فبعضهم اقتنع بأوباما وبأنه واحد «منهم» وآخرون لا يعتبرونه كذلك، باعتبار أن والدته سيدة بيضاء من قلب أمريكا، وهم يشبهونه بلغة القهوة بأنه «كابتشينو» أو«لاتيه» وليس «اكسبرسو» بمعنى أنه مخلط العرق، وبالتالي ليس منهم مائة في المائة، حتى داء النقاء العرقي وصل لهم! باراك أوباما نجمه في تصاعد وهو قصة هوليوودية بامتياز، تحكي صناعة حلم كيف يمكن أن يتحقق لابن مهاجر كيني وصل لأهم جامعة في العالم هارفرد، وتخرج من أعرق كلياتها وهي كلية القانون، وتدرج في الهرم السياسي حتى وصل لأن يكون الأفريقي الأمريكي الوحيد في مجلس الشيوخ اليوم. وحتى يصل باراك حسين أوباما إلى سدة البيت الأبيض ويحكم أمريكا، سيكون من المتوقع أن تستمر الحكاوي والأساطير تروى وتحاك حوله إفرازات الخيال المشوق، ولن يكون مستغربا أن يطالب الصينيون والهنود وأهالي الاسكيمو، بنصيبهم من مجد أوباما القادم.

باراك أوباما ظاهرة وموضة سياسية تشغل العالم بأسره، ولن أستغرب في معرض الكتاب القادم، أن يكون الكتاب الأكثر مبيعا هو «سكة السلامة في سيرة العلامة باراك أوباما». وكل انتخابات وأنتم بخير.