غصن زيتون روسي طيع للرئيس الأميركي القادم!

TT

سيقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس الأميركي القادم غصن زيتون طيعا سهل الانقياد هو ديمتري ميدفيديف عندما يتوجه الناخبون الروس، يوم الأحد القادم، الى صناديق الاقتراع لإقرار اختيار ميدفيديف خلفا لبوتين الذي اختاره بنفسه.

وستقدم تغييرات القيادات في موسكو وواشنطن هذا العام مبررا لوقف انكماش العلاقات الروسية ـ الأميركية، بالإضافة الى حرب الكلام التي يشنها الرئيس الروسي ضد الغرب. الا انه من الضروري حدوث ثلاثة اشياء:

يجب ان يصبح ميدفيديف ذلك المصلح الليبرالي الذي سمح له بوتين بقولها. ويجب على الرئيس الأميركي الجديد العودة الى العلاقات التعاونية مع روسيا في موضوع خفض الأسلحة النووية والاستقرار الاستراتيجي الذي تخلت عنه ادارة بوش. وأخيرا، سيحتاج كل من الرئيسين بوش وبوتين في الفترة الأخيرة من عهديهما لإدارة علاقاتهما المتشابكة بمهارة وتحفظ غير متوفر حتى الآن.

ويقدم بوتين ـ الذي ينوي الاستمرار في السلطة كرئيس لوزراء ميدفيديف بعد فترة انتقالية لمدة شهرين ـ رأيا وليس التزاما، بجعل ميدفيديف يتولى التعامل، احتفاليا، مع القادة الاجانب.

وقد استخدم ميدفيديف، البالغ من العمر 42 سنة، وضعه كإداري للفوز بثقة بوتين الكاملة، اذا ما كان لدى ضباط الـ «كي جي بي» تلك القناعة. وعندما زار ميدفيديف واشنطن قبل سنوات، دفع تحفظه وانزواؤه المسؤولين في واشنطن للتساؤل عن اسباب زيارته ـ وهي المشاعر التي اشاركها بعدما طرحت عليه عدة أسئلة خلال حفل عشاء في مركز نيكسون.

قبل سنة، كان سيرجي ايفانوف، وزير دفاع بوتين، هو المتقدم في سباق الرئاسة. وعندما شن بوتين حملة هجومية على بوش في مؤتمر ميونيخ للأمن في العام الماضي، لعب ايفانوف دور الشرطي الجيد، وألقى خطابات مثل رجال الدولة يتعهد فيها بالانسجام الدولي. إلا أن عدم صبره اصبح خطأ سياسيا قاتلا، كما ذكر المحللون الروس.

لقد وفر بوتين على الأقاليم الروسية متاعب ونفقات اجراء انتخابات تمهيدية على غرار الولايات المتحدة، التي عقدت كلها في دماغه. وبتشجيع منه ألقى ميدفيديف خطابات مثل خطابات «الحملات» الانتخابية التي تتعهد باحترام حكم القانون، ومزيد من الحرية الشخصية، وخفض الدور الحكومي في الاقتصاد والتعاون مع الدول الأخرى، بما فيها واشنطن.

وإذا ما طبق ميدفيديف هذه الاصلاحات فعليه طرد «السيلوفيك» وهم ضباط الاستخبارات الروسية السابقة الذين عينهم بوتين في الكرملين وفي الشركات التجارية الحكومية حيث كونوا ثروات ضخمة.

ومن المحتمل ان ما يفعله بوتين هو لعبة قصيرة المدى بتقديم مثل تلك التعهدات عبر ميدفيديف. وهو يحذر «السيلوفيك» باحتمال تقديمهم الى ذئاب الحملات المضادة للفساد، اذا ما انقلبوا عليه. وعلى المستوى الدولي ربما يصبح الدور الروسي الأكثر اعتدالا في الوقت الذي يجري فيه انتخاب رئيس اميركي جديد هو محاولة لتحقيق الاعتراف بعودة روسيا كلاعب دولي وهو الأمر الذي يسعى اليه بوتين. وبعض التأييد لهذه الفكرة يأتي من رد فعل بوتين المعتدل نسبيا تجاه اعلان كوسوفو الاستقلال في 17 فبراير الحالي واعتراف الغرب الفوري بالإقليم الصربي السابق. فقد قلل ديمتري بسكوف، المتحدث باسم بوتين الذي كان يزور واشنطن بعد عدة ايام من اعلان الاستقلال، من دور كوسوفو باعتبارها نقطة نزاع بين واشنطن وموسكو بالقول إن الأمم المتحدة هي التي يجب ان تحدد ما يحدث بعد ذلك.

لقد لمح بوتين الى ان موسكو ستقبل استقلال كوسوفو عندما وافق أخيرا على حضور اجتماع قمة بين الناتو وروسيا في بوخارست. وجاءت موافقته بعد شهور من الهجمات القوية منه ضد قرارات رومانيا التي كانت من الدول التابعة للاتحاد السوفياتي، على الانضمام للحلف والموافقة على إنشاء قواعد أميركية. وسيلتقي حلف الناتو الذي يضم 27 دولة مع بوتين لعقد مؤتمر قمة في اوائل شهر ابريل، عندما سيكون التركيز على مشاكل الحلف العميقة في افغانستان. وسيحتاج بوش الى الحفاظ على وحدة الحلف في هذه القضية اكثر من المخاطرة بانقسامات جديدة بالعمل من اجل اتفاقيات عسكرية مع اوكرانيا وجورجيا، مثلما يريد البعض في البيت الأبيض. وقال لي ديمتري بسكوف، مشيرا لاجتماع بوخارست باعتباره الجهد الأخير لرئيسه على الساحة الدولية: «يريد بوتين الانشغال بالمجـال الداخلي».

من يعرف؟ يمكن أن يكون ذلك صحيحا ـ حتى إذا لم يكن بوتين يعني ذلك.

* خدمة مجموعة كتاب

«واشنطن بوست»

خاص بـ «الشرق الأوسط»