قولوا معي: (آمين)

TT

يقال إن الأمير فيليب زوج الملكة اليزابيث الثانية، ملكة بريطانيا الحالية، استقبل في حفلة عشاء أحسن استقبال، وألقى بين يديه الشاعر البريطاني جون دارين عدّة أبيات من الشعر يمدحه فيها وترجمتها:

«لقد تعددت جوانبه / حتى بدا مجموعة رجال في واحد»

فاهتز فيليب طرباً من هذا الوصف الذي أسبغه عليه الشاعر، ولكن قبل أن يهدأ فاجأه الشاعر بقوله:

«متحجّر في آرائه/ ودائماً على خطأ/ مليء بالبدايات/ فارغ في النهاية/ وقبل أن يكمل القمر دورته/ يأخذ هو دور الطبيب والعابث والسياسي والمهّرج».

انتهت قصيدة الشاعر البريطاني، فهل هناك بقية من شجاعة لدى شعرائنا العرب، ليمدحوني بها (أنا) على الأقل، وان فعل احد منهم ذلك، فإنني أعده إنني سوف اخلع عليه خلعة (تجيب خبره).

* * *

لا أظن أن هناك شعبا على وجه هذه البسيطة، شغوفا بـ«القبلات» أكثر من الشعب العربي، ويا ليتها كانت «تسوا»، فهي تتوزع يميناً وشمالاً على كل من هب ودب، ولا يسلم منها لا خد ولا شفة ولا خشم ولا كتف ولا يد ولا جبين ولا حتى إذن، لأنه في هذا اليوم بالذات صادفت أحدهم وكنت شاهدته بالأمس القريب، فما كان منه إلاّ أن صافحني ثم جذبني نحو وجهه بشدّة يريد أن يقبلني على وجهي فأدرت له صدغي ولم يجد أمامه غير أذني فطبع عليها قبلة لزجة، ذهبت بعدها ركضاً للحمام وغسلتها وفركتها جيداً بمعقم الديتول.

يعجبني الشعب الياباني بممارسته لرياضة «القبل»، فالعناق والتقبيل عنده مقتصران على الأمهات وصغارهن، فالرجل مسموح له أن يقبل أمه وأطفاله، ولكن إذا اجتاز الصغار مرحلة الطفولة فإن تقبيلهم يعتبر ضرباً من قلة الحياء.

بل إن الزوج والزوجة إذا اجتمعا بعد فراق طويل لا يقبلان بعضهما بعضا، وإنما يجثوان على ركبتيهما ويتبادلان التحية بهمس، ويبتسمان بحياء، وقد تهمى وتتساقط دموعهما من شدة الغبطة والفرح والاشتياق، ولكن العناق و«شفط البراطم» ممنوع، كما أن الكلام في ذلك الموقف بالذات أيضاً ممنوع. ولا ادري هل هذا التقليد الراقي سوف يتواصل ويستمر بينهما حتى في غرفة النوم؟! الله أعلم.

أما الرجل العربي إذا قابل زوجته بعد طول غياب «فعينكم ما تشوف النور».. لا أريد أن استرسل بالوصف لأنني بصراحة أخاف على نفسي من شدة الارتجاف والهيجان.

ولكن لدي قناعة كاملة نحو القبلات، وتلك القناعة تقول: إن القبلة ما هي إلاّ حيلة محكمة حينما يصير الكلام تافهاً وغبياً.

* * *

أتمنى، وقولوا معي (آمين).. أتمنى أن يكون أفضل ما في هذه السنة، هو أسوأ ما سيكون في السنة المقبلة، سواء في فلسطين أو لبنان أو العراق أو في منزلي الصغير.

[email protected]