15 روبية

TT

هناك قصص وحوادث ومواقف ومصادفات هي أشبه ما تكون بالخيال، ولكن علينا أن لا نذهب بعيداً فالحياة نفسها هي (خيال الخيال)، ولو انه سبحانه وتعالى بعث في هذه الساعة من هم راقدون تحت التراب من (300 عام) مثلاً، لتصوروا أنهم في (حلم وليس بخيال)، ولقضي على البعض منهم من شدة الخوف، وقضي على البعض الآخر إما من شدة الفرح أو الجنون.

لا نريد أن (نغوص) كثيراً، ولكننا نستعرض بعض المواقف والمصادفات الواقعية فعلاً في أساسها، مع بعض الشروحات، والتعديلات التي لا تخل بالمضمون، ولكنها تضيف بعض التوضيحات، وتحجب بعض التفاصيل غير المحتشمة أو التي لا يقبل بها الرقيب.

وعليكم أن تتأكدوا انني لا أورد كلاماً على عواهنه، احتراماً مني لكم أولاً، ولكي أكون صادقاً مع نفسي ثانياً.. وإذا أردت أن (أهذر أو اشطح أو حتى اكذب بطريقة بيضاء)، أقول لكم ذلك برحابة صدر ليس فيها أي كسوف أو خوف.

ومن القصص الواقعية التي تروى، أن هناك رجلاً هندياً اسمه (مينون)، سافر من قريته إلى مدينة (نيودلهي) لأول مرّة في حياته من اجل العمل، وعندما وصل إلى هناك وفي خضم الزحام فقد شنطته ومقتنياته، واخذ يتخبط ويصيح ويجري في كل اتجاه باحثا عنها، وعندما أعياه التعب واليأس قرر العودة إلى قريته على قدميه مهزوماً.

وشاهده وهو على هذه الحالة البائسة رجلٌ من طائفة السيخ طاعنٌ في السن، وسأله عن حاله، فقص عليه ما حدث وانه راغب في العودة إلى قريته ولكن ليس معه أي نقود يركب بها.

فسأله: وكم تحتاج لكي تقطع تذكرة في القطار؟!، فقال (15 روبية) فأعطاه إياها، فشكره مينون وطلب اسمه وعنوانه لكي يردها له إذا قيض الله له عملاً.

فرفض الرجل العجوز وقال له: بما أن المساعدة هذه قد أتتك من رجل غريب، فعليك أيضاً أن تردها لغريب آخر سواء كان رجلاً أم امرأة أم طفلاً أم حيواناً.

حاول بشتى الوسائل أن يعرف من هو ولكنه لم يستطع، عندها عانقه واستدار مودعاً، وقبل أن يبتعد ناداه العجوز قائلاً: بقيت لدي نصيحة أخيرة أقدمها لك، هل تريد أن تسمعها؟! قال: نعم هاتها، رد عليه: هل تعدني بأنك ستأخذ بها؟! قال: أعدك ولن أخذلك.

فقال له العجوز السيخي: بما انك قد أتيت من اجل العمل ومعركة الحياة فمن الجبن أن تنهزم من أول ضربة، وأنت الآن وصلت إلى ميدان القتال، فخض الحرب بسلاحك هذا الذي معك وهو (15 روبية)، ولا ترجع مهزوماً.

ويقول (مينون) في مذكراته انه كان لتلك النصيحة وقع السحر في نفسه، ولم يرجع إلى قريته وكابد وتعذب وجاع وعمل ونجح وتقدم واغتنى، وفتح الله عليه أبواب الرزق من كل جانب.

وأصبحت (هوايته الوحيدة) هي مساعدة الغرباء دون أن يذكر اسمه وعنوانه، وقدم من أعمال الخير ما لم يقدمه احد غيره.

كل ذلك حصل من بركة (15 روبية).

[email protected]