نقول حي. وهم يقولون: هي.. في وداعنا!

TT

وسألوني: أليست عندكم أغنيات وطنية قصيرة مثلنا؟

ولم أجد. وسألت المصريين إن كان أحد يعرف. وكان الجواب: لا توجد أغنية من بيتين، اللهم إلا بعض الهتافات ذات الإيقاع الساذج الذي لا يرقى إلى مستوى أغاني وأناشيد كوبا.

لكن لماذا؟ أنا سألت. وكان الجواب: إنهم يريدون الحفاوة بنا. تماما كما نفعل نحن حين نردد أغانيهم التي حفظناها بسهولة. وشغلتنا جلسات المؤتمر. وكنت أحمل الطعام: الخبز والزبدة والسكر وأضعها في كيس لأعطيها للسكرتيرة التي لا تجد شيئا من ذلك في بيتها. وفي الوقت نفسه كانت الصحف تنشر عناوين كبيرة هكذا: ولاية كذا تتبرع بحصتها من الزبدة لأعضاء الوفود.. ولاية كذا تتبرع بنصيبها من الأرز لأعضاء الوفود..

تصور أنت تأكل قوت الشعب كل يوم. ومطلوب من هذه الوفود آكلة أقوات الشعب الكوبي أن تستجيب إلى مطالب كوبا قبل أن تسافر، وإلا فلا سفر!

وقد أغلقوا أبواب الفندق حتى نختار كوبا لانعقاد المؤتمر العام القادم. ولما اخترناها فتحوا لنا الأبواب إلى المطار. وقبل السفر رحنا نجوب الأسواق وكانوا يسألون يوسف السباعي وخالد محيي الدين: من أين أنتم؟ فيقولون: من أفريقيا!

ويسخرون منهما ولا يصدقون. فكلاهما أبيض الشعر. ويوسف السباعي أخضر العينين. وكانوا يرون في مثل هذه الإجابة استخفافا بعقولهم!

ولما ذهب يوسف السباعي بعيدا في المبالغة قائلا: أنا أحب الشعب الكوبي والفتاة الكوبية.. فأشاروا إلى واحدة سمراء جدا.. وسألوه: هل تعني ما تقول؟ فقال: نعم .. فقيل له: أمامك واحدة هل تتزوجها؟ فقال: الأمر يحتاج إلى وقت.. فأنا متزوج من أربع في القاهرة. والدين يمنعنا من الزواج من خمس!

وكانت مشكلة لا أذكر كيف أفلت منها يوسف السباعي وقال لي: ترجم لهم. وخلصني من المشكلة دي!

فقلت: هو يقصد أن له أربع أخوات ولا بد أن يتزوجن أولا.. فإذا تزوجن فسوف يجيء إلى كوبا لاختيار عروس كوبية!

وفي المطار وقفت أعلمهم . أقصر أغنياتنا وهي: حيّ.. حيّ..

وكانوا يقولون: هي.. هي. وبمنتهى الحماس. ونحن نموت من الضحك!