أيها السياسيون: اقرأوا هذا الكتاب

TT

يتعين أن يقرأ السياسيون الذين يتحدثون عن خطر الإرهاب، كتابا جديدا من تأليف ضابط المخابرات الأميركية السابق مارك سيغمان. انه يوقف ما تعتقدون انكم تعرفونه عن الارهاب على رأسه، ويساعدكم على رؤية الموضوع في ضوء مختلف.

كان سيغمان ضابط استخبارات ميدانيا يدير عمل جواسيس في باكستان، ثم اصبح أخصائيا في الأمراض العقلية. وما يميز كتابه الجديد الموسوم «جهاد بدون قائد» هو أنه يبتعد عن ردود الأفعال الانعكاسية العاطفية تجاه الإرهاب التي تنامت منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001، وينظر بدلا من ذلك في المعطيات العلمية التي جمعها سيغمان حول ما يزيد على 500 من الارهابيين، لفهم شخصياتهم وسبب شنهم الهجمات وكيفية إيقافهم.

وجوهر رسالة سيغمان هو أننا نخيف أنفسنا عبر المبالغة بتهديد الإرهاب، وبالتالي جعل المشكلة أسوأ عبر افعالنا غير الحكيمة في العراق. وهو يهاجم الموضوع الرئيسي لدى ادارة بوش، الذي يردد اصداؤه على نحو متزايد المرشح الرئاسي الجمهوري جون ماكين من أن الولايات المتحدة تواجه «عدوا عنيدا خطرا في الحرب ضد المتطرفين الإسلاميين» الذين تفرخهم «القاعدة».

ويؤكد سيغمان على أن الأرقام تقول شيئا آخر. فالجيل الأول من زعماء «القاعدة»، ممن التحقوا بأسامة بن لادن في أعوام الثمانينات، باتوا الآن عشرات من الأشخاص الملاحقين في مناطق القبائل شمال غربي باكستان. كما تعرض الجيل الثاني من الارهابيين، الذين تدربوا بمعسكرات «القاعدة» في بأفغانستان خلال سنوات التسعينات، الى التدمير، وفقا لما يقوله سيغمان، ولا بد من اعتقالهم أو قتلهم. ولكنهم لا يشكلون خطرا على وجود أميركا.

ان الجيل الثالث من الارهابيين، هو الذي ينمو، ولكن ما هو؟ انهم حسب تقدير سيغمان آلاف ممن يسميهم «الطامحين الى الإرهاب». وعلى خلاف الجيلين الأولين اللذين كان افرادهما متعلمين ومتدينين، فإن الجهاديين الجدد هم نتاج ثقافة الانترنت. وإذا تثير غضبهم صور الفيديو التي تقدم الأميركيين وهم يقتلون المسلمين في العراق، فإنهم يتجمعون في غرف الدردشة، ويشجعون بعضهم بعضا على القيام بعمل معين. وشأن الشباب عبر الحدود الزمنية والدينية، فإنهم يشعرون بالسأم ويتطلعون الى الإثارة الحسية.

والجيل الثالث من الإرهابيين هو محدود الآفاق. فبمجرد تجمع المجموعة والانتهاء من التدريب، يعرضون انفسهم للقبض عليهم. ونصيحة سيغمان هي سحب العظمة والإثارة من الارهاب». التخلص من الخطاب حول التطرف الاسلامي . توقفوا عن عقد مؤتمرات صحافية، لإعلان احدث الانتصارات في الحرب العالمية ضد الارهاب»، التي تؤدي الى تعظيم النزاع. وخفضوا البصمة العسكرية الاميركية في العراق، التي تستثير مشاعر الغضب الاخلاقي في العالم الاسلامي.

انا لا أوافق على كل وجهات نظر سيغمان، ولا سيما بخصوص عواقب الانسحاب السريع في العراق، ولكني اعتقد انه يثير اسئلة تحتاج الولايات المتحدة الى التفكير فيها في عام الانتخابات هذا.

* خدمة مجموعة كتاب «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)