قلبي مع الأكراد

TT

إن هذا العدوان التركي على الأكراد، المشار إليه بـ«عملية توغل الجيش التركي في شمال العراق»، جريمة لا أجد لها تبريرا ـ إذا كان من الممكن أن تكون هناك تبريرات للجرائم ـ أي حق مشروع هذا الذي يتكلم عنه حضرة رئيس وزراء تركيا؟ وما معنى كلامه هذا الماسخ: الذي يزعم به عدم وجود أي أهداف لعملياته العسكرية غير محاربة المقاتلين من حزب العمال الكردستاني؟

وما معنى الرد العراقي العجيب الذي لا يرى في هذه المجزرة سوى أنها: «تهدد علاقتنا بتركيا»؟ أفندم؟ يخترقون حدود العراق ويقتلون الأكراد على أرضهم، هم الذين في حمايتكم، وتعتبرون هذا مجرد «تهديد» لعلاقتكم بتركيا؟

ويا صبر كمال كركوكي، نائب رئيس البرلمان في إقليم كردستان، حين يكتفي بوصف موقف الحكومة العراقية إزاء «الأحداث» بأنه «المتقاعس»!

إنني لم أفهم أبدا، طيلة حياتي، هذا الظلم الواقع على الأكراد، لم أفهم أبدا هذا التمزيق: أكراد تركيا، أكراد إيران، أكراد سوريا، أكراد العراق، ما معنى هذا ولماذا؟

حين كانت هناك دولة جامعة للمسلمين، تحت راية خلافة أو إمبراطورية أو غير ذلك، كانت الحدود مفتوحة بين تلك البلاد، وكان ذلك مقبولا في عصره وفي زمانه وفي ملابساته، إلى أن تحددت الحدود وعلت أصوات القوميات، هذا تركي وهذا عربي وهذا فارسي، فكيف تسنى أن مدت كل دولة من هذه القوميات حدودها لتأكل أرض الأكراد فيما بينها سحتا واغتصابا ولا يكتفون بل يقتلون ويدمرون ويسحقون ويقولون «ندافع عن أنفسنا ضد المتمردين الانفصاليين»!

إن أرض الأكراد وحدة متصلة عليها شعب نعرفه له عراقته وأصالته وأصوله وتاريخه وتراثه ولغته ودينه ومذاهبه، ومن حقه أن يقول لست تركيا ولا عربيا ولا فارسيا، إنني: أنا الكردي! فبأي قانون يمكن أن يدان الكردي بأنه انفصالي حين يسعى، بالذوق أو بالمقاومة، لتحرير أرضه ولم شمل أهله المشتتين قهرا تحت إدارة دول جوار أربع اتفقت فيما بينها على هذا الظلم البين لشعب «كردستان»؟

ألا يجمعكم معه دين؟ ألا تجمعكم معه جيرة؟

كيف يكون من حقكم رفع رايات فخاركم واستقلالكم ولا يكون له مثل هذا الحق؟

اهطلي يا ثلوج وامنعي هذا الزحف غير المقدس، فأنت دفاع الله سبحانه وتعالى عن هذا الشعب المغبون!