وذهبنا في موعدنا ولم نجد الأمير!

TT

كان الفيلسوف الفرنسي ديكارت يقوم بتعليم الملكة مبادئ الفلسفة. وكان سعيداً بذلك لولا أن الملكة كانت تصحو من نومها في الخامسة صباحاً وتريد الفيلسوف في السادسة. وهو مسكين كثير الأرق. ولا يستطيع أن يقول لجلالتها: لا.. وإن كان هو صاحب الجلالة الفلسفية. ولكنها هي الأقوى. وكان الفيلسوف يستند على الجدران ويتساقط من الإعياء حتى يرتمي على مقعد أمامها.. ويذهب في النوم. شيء عجيب. وكان علماء النفس يفسرون هذا السلوك بأنه نوع من الهرب من هذه الدروس المرهقة. وفي نفس الوقت نوع من الاحتجاج على ذلك!

وكان الحكيم بقراط يكشف على مرضاه ويعالجهم في الصباح الباكر. هو الذي يدق أبوابهم ورؤوسهم أيضاً حتى يفيقوا وينهضوا ويخرجوا ألسنتهم ويقولوا: آه!

وبلدياتي العظيم لطفي السيد باشا في أيامه الأخيرة كان حريصاً على أن يجلسني أمامه ويسألني عن حال الشباب. كيف يفكرون وما آمالهم وأحلامهم وكنت وقتها سنة 1960 رئيساً لتحرير مجلة «الجيل»، وكنت أريد أن أسأله هو ولكنه هو الذي كان يسأل، ويؤكد على معنى واحد: المستقبل لنا.. للأفكار الشابة.. وكان يقول: كن في عمرك.. أي عش في مثل سنك.. أي كن شاباً واجعل أفكارك كذلك ولا تخف. ولولا شجاعة وتهور الشباب ما تقدمت الدنيا..

حلو الكلام. لولا أنه في ساعة مبكرة جداً. فهو ينام مبكراً جداً ويصحو عندما يذهب معظم الناس إلى فراشهم. أي الساعة الثالثة صباحاً – ولم أكن أعرف في ذلك الوقت أنه سوف يجيء يوم أفعل مثله تماماً. فمع الأسف الشديد أنا أصحو من النوم.. إن كان نوماً – في الساعة الثالثة من صباح أي يوم!

وقد حدث عندما انعقد مؤتمر الأدباء في الكويت أن قال لنا الأستاذ عبد العزيز حسين مدير التعليم أو وكيل وزارة التعليم في ذلك الوقت، إن موعداً تحدد لنا مع الأمير الراحل جابر الصباح في الساعة السابعة. وذهبت إلى أعضاء الوفد المصري أخطرهم بذلك: الشعراء أحمد رامي وكامل الشناوي وصالح جودت ومحمود حسن إسماعيل. وظهر الضيق، فهم ينامون حتى التاسعة والعاشرة. وهرولنا إلى الموعد.. وفوجئنا بأن الأمير الراحل كان يقصد الساعة السابعة مساء وليس صباحاً!