دروس حول العراق من جورج واشنطن

TT

ما الذي كان سيفعله جورج واشنطن حول العراق؟ حاجج المؤرخ جوزيف اليس في مقالة نشرها في عدد ديسمبر من مجلةOutlook بأنه لا يمكن البحث عن أجابات على هذا السؤال، لأن «الفاصل الزمني ما بين زمن المؤسسين وزمننا غير قابل للتفاوض، وأي ربط بينهما يثير إشكالا فكريا»، لكن اليس اعترف بأن هذا الوضع «غير مقبول للكثير منا، لأنه يشير الى أن الماضي ضاع تماما ولا شيء يمكننا التعلم منه».

التاريخ يحمل دروسا حول قضايا حالية، وهذا واضح في ما يتعلق بالعراق والطريقة التي تصرفت الولايات المتحدة معها في الحرب ضد الإرهاب. فكر بغزو كندا الذي جرى خلال 1775-76، ذلك الغزو هو الأول من نوعه من حيث أنه غزو استباقي، انتهى قبل أيام قليلة من مصادقة الكونغرس على اعلان الاستقلال.

في 14 سبتمبر 1775 كتب جورج واشنطن رسالتين إلى الكولونيل بندكيت أرنولد قائد القوة الأميركية إلى كندا. وهناك خمس نقاط من مبررات الغزو، التي ذكرها واشنطن تستحق انتباها خاصا.

أولا، إذا كان المواطنون لا يريدوننا هناك فيجب عدم الذهاب. «عليك أن تبذل كل جهودك لمعرفة المشاعر الحقيقية للكنديين تجاه مبادرتنا، خصوصا لهذه المهمة العسكرية، توثق من أنهم ليسوا ضدها وأنهم سيتعاونون، أو على الأقل مستعدون للقبول بإرادتهم، وهذا هو ضمان عدم فشل الحملة. وفي حال العكس عليك ألا تنفذ المحاولة بأي شكل من الأشكال».

ثانيا، تعتمد سلامة الجنود الأميركيين على الكيفية التي يتعاملون بها مع الشعب. وأراد واشنطن من أرنولد أن «يكسب عواطف» المستوطنين الكنديين والهنود، وأمر أرنولد بأن يعلم جنوده وضباطه أن «ضمان سلامتهم يعتمد على الطريقة التي يتعاملون بها مع هؤلاء الناس».

ثالثا، معاملة مناسبة للأسرى أمر ضروري. وكان الإصرار على معاملة حسنة لأسرى تشمل الجميع. كتب واشنطن لأرنولد: «أي سجين يقع بين يديك، عليك أن تتعامل معه بطريقة إنسانية ولطف بشكل يتناسب مع سلامتك والمصلحة العامة».

رابعا، طلب واشنطن من أرنولد أن يلجم الوحدات القارية وحلفاءها الهنود «من كل أعمال القسوة والإهانة التي ستكون عارا على الجيش الأميركي وتهيج السكان ضدنا».

خامسا، احترام ديانة الشعب. كتب واشنطن في رسالته: «إذ يتسبب أي نوع من الاحتقار لدين أي بلد والانتقاص من رجال دينه في تعميق النقمة، عليك أن تكون شديد العناية في لجم أي ضابط أو جندي من تصرفات طائشة كهذه ويجب معاقبة المتورطين بها مباشرة».

كسبت القيم الأميركية دعما مباشرا من الكنديين، لكن تصرفات الأميركيين السيئة أضاعته. فعلى العكس من أوامر واشنطن لم يحترم القادة العسكريون الأميركيون الدين الكندي أو الملكية أو الحرية الشخصيتين.

رثى واشنطن هذا السلوك الأميركي حينما كتب للجنرال فيليب شويلر يوم 19 أبريل 1776: «يبدو أنه لم تتخذ الإجراءات المناسبة لكسب عواطفهم بل تمت الإساءة لهم إلى حد تدمير قضيتنا في ذلك البلد».

لم يزل جورج واشنطن الأول في الحرب والأول في السلم والأول في قلوب مواطنيه. إنه لأمر سيئ أنه لم يكن الأول الذي سألناه حول كيفية تنفيذ الحرب في العراق.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»