لماذا لا تعقد القمة العربية في إيران؟

TT

بدأ الحديث الآن عن دعوة محتملة للرئيس الإيراني أحمدي نجاد للقمة العربية القادمة في دمشق، وانطلق «المحللون» لإقحام إيران في قضايانا إلى القول إن لا ضير في دعوة نجاد للقمة طالما تمت دعوته سابقا في القمة الخليجية الأخيرة في الدوحة.

وقبل أن استرسل أذكر بمقال كتبته يوم الثلاثاء 4 ديسمبر 2007 معترضا على دعوة نجاد لقمة قطر، علما بأن تلك الدعوة لم تكن من مجلس التعاون الخليجي، بل من قبل الدولة المنظمة. وقمة الخليج هي قمة إقليمية، لا عربية.

واليوم، إذا كان البعض، وخصوصا النظام السوري، ومريديه، يريدون القول إن دعوة نجاد هي من أجل التقارب مع ايران، وإثبات حسن النوايا، وطالما ان النظام السوري وقيادات حماس، والمالكي وحكومته، وأتباع سورية في لبنان، وغيرهم من بعض العرب، يريدون شرعنة تدخل طهران في القضايا العربية، وما دام التقارب مع ايران أصبح بالإحراج وليس بالمنطق، فلماذا لا تنقل القمة الى طهران؟

وليذهب العرب الى ايران، ويجتمعوا هناك، ليباركوا كل محاولات نظام احمدي نجاد بالتدخل في قضايانا العربية، ودولنا، واللعب بأمننا، ويسلموا طهران زمام الأمر. للأسف هذا ما تبقى في زمان الضياع العربي، والخوف من المواجهة المستحقة.

ففي الوقت الذي يقول فيه المرشد الأعلى الايراني، تعليقا على ما يحدث في غزة، إن «على المسلمين أن ينهضوا وعلى الزعماء المسلمين أن يصفعوا النظام المحتل على وجهه بغضب شعوبهم»، نجد ان ايران أقحمت نفسها في قضايانا من دون أن تطلق رصاصة واحدة مباشرة دفاعا عن الأراضي العربية، والحق العربي.

أسقط الاميركان نظام صدام فقفزت ايران الى بغداد لتمارس احتلالا بالباطن، وباتت مسيطرة على العراق بشكل أذكى مما تفعله مع حزب الله في لبنان. ولا تتردد طهران في تقويض مجالس الصحوة في العراق، وذلك لعب طائفي واضح، لدعم الموالين لها في الحكومة العراقية، وفرق الميليشيات التابعة لها في بغداد. والطائفية لعبة تتقن استخدامها طهران نجاد في عالمنا العربي.

وهذا ليس كل شيء، بل عندما دك لبنان طوال صيف 2006 من قبل إسرائيل، بسبب حزب الله، وكيل ايران في لبنان، لم تطلق ايران رصاصة مباشرة دفاعا عن بيروت. وضرب الاسرائيليون ما اعتبروه مشروع مفاعل نووي في سورية، فأعلن احمدي نجاد من نيويورك بان لا دخل لايران فيما حدث.

وها هي غزة تحرق من قبل الاسرائيليين، ويحصد الاطفال والنساء، ولم نسمع عن تدخل ايراني عسكري، ولا نية بالطبع لفعل ذلك من اجل إنقاذ حلفاء طهران في حماس، أو من اجل الدفاع عن القضية الفلسطينية.

كل هذه الحقائق، ولا يزال بيننا من ينادي بالتقارب مع نظام احمدي نجاد ودعوته الى قممنا الاقليمية والعربية. مشكلتنا ليست مع ايران، ككل، ولكن مشكلتنا أننا نمنح احمدي نجاد شرعية داخل طهران نفسها، ونضعف المعتدلين في ايران، ونمنح نجاد ايضا، ومن يقف خلفه، فرصة للتدخل في شؤوننا، ونمنح من خلف نجاد شرعية أمام المجتمع الدولي تظهرهم على انهم مسيطرون على ملفات المنطقة.

[email protected]