هل يبني أوباما جسرا بين الحزبين؟

TT

تحاول هيلاري كلينتون أن تطرح قضية بشأن باراك أوباما تستحق نظرة أخيرة فاحصة قبل الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين يوم الثلاثاء التي يحتمل أن تكون حاسمة. وتتمثل هذه القضية في أنه إذا ما كان أوباما يتوجه حقا إلى توحيد أميركا عبر اتجاهات الحزبين وحل مأزق واشنطن، فلماذا لم يظهر الكثير من الاهتمام أو الرغبة في العمل الدؤوب لحكومة الحزبين؟

وهذا هو مصدر الشكوى الحقيقي بشأن أوباما الذي ما يزال من دون جواب مقنع. إنه يلقي خطابا جذابا ويعد بأنه قادر على انقسامات الحزبين التي أثرت على الوضع السياسي الأميركي خلال العقد الماضي. وهذه رسالة أمل من الواضح أن البلاد تريد أن تسمعها. ولكن هل بوسعه القيام بذلك؟ السجل مختلط، ولكن من الصحيح القول إن أوباما لم يظهر الكثير من الاستعداد للمخاطرة أو خلق أعداء في محاولة لاستعادة مركز واشنطن الفعال. وتتمتع كلينتون ـ على الرغم من سمعتها كشخصية مثيرة للخلاف ـ بسجل أقوى بكثير من الإنجاز المتعلق بالحزبين. وما يزال المرشح الجمهوري المحتمل جون ماكين يتمتع بسجل أفضل.

وحجة أوباما أنه يستطيع تعبئة تحالف جديد يتبنى إعلانه عن إمكانية الخروج من هذا المأزق. ولكن من اجل أن يشعر الناخبون بالثقة في إمكانيته أن ينجز هذا التحول إذا ما أصبح رئيسا للبلاد، فإنهم بحاجة إلى دليل على أنه خاض معارك مماثلة وحقق نصرا فيها، والسجل هنا محدود.

وما أسمعه من السياسيين الذين عملوا مع أوباما يجعلني أتمهل قليلا. فهم يصفونه شخصا يتمتع بقابلية استثنائية على العمل عبر الخطوط العرقية ولكن ليس شخصا حصل على صور شجاعة للوقوف دفاعا عن مصالح خاصة أو نشاطات حزبية مثيرة للخلاف. والحقيقة أن الناس يتذكرون الأفضل بشأن أوباما وهو طموحه فضلا عن ذكائه. وقد عمل أوباما في بعض القضايا التي تخص الحزبين بعد أن انتخب عضوا في مجلس الشيوخ عن الينوي عام 1996، ولكنه حصل أيضا على سمعة تجنب المجابهة. وكانت ثقة أوباما الهشة بنفسه أكبر غلطة سياسية ارتكبها حينما تحدى عام 2000 بوبي راش عضو الكونغرس الديمقراطي والذي كان عضوا سابقا في حركة الفهود السود، إذ تمكن الأخير من هزمه بنسبة 2 إلى 1 في الانتخابات الأولية، ووصفه راش في نيويورك تايمز السنة الماضية بانه «كان أعمى بفضل طموحه».

ظل أوباما يسعى للترشيح إلى الرئاسة منذ وصوله إلى مجلس الشيوخ عام 2005 لذلك فإن زملاءه في المجلس يقولون إنه من الصعب تقييم سجله. لكن ما ميزه في فترة عمله القصيرة هو سجل تصويتاته الليبرالية أكثر من تاريخ قتالي عبر خطوط الحزب للحصول على المصادقة على تشريعات ما، فهو لم يكن ضمن الائتلاف الذي ضم أعضاء من الحزبين في عام 2005 والذي كان عددهم 14 عضوا حاولوا أن ينهوا التأخير الواقع في تشريحات لمناصب قضائية. وهو دعم الجهد الثنائي للحزبين للحصول على مصادقة لمسودة قانون تتعلق بالهجرة في السنة الماضية وحصل على استحسان ماكين، لكنه لم يعمل عن قرب مع البيت الأبيض مثلما فعل السيناتور ادوار كيندي. بعثت لي حملة أوباما ملخصا بثماني صفحات عن إنجازاته في مجال التعاون بين الحزبين وتضمنت بعض الأمثلة المشجعة في العمل معا على قضايا مثل انتشار الأسلحة النووية والطاقة وقضايا المحاربين القدماء وتخصيصات الميزانية، لذلك فإن الخزانة ليست فارغة تماما. وبعكس ماكين لا يحمل أوباما أية ندوب سياسية ناجمة عن خوضه معارك شارك فيها أشخاص من الحزبين مع أن القضايا تفتقد الشعبية داخل قاعدة حزبه الجمهوري.

قال لي سيناتور ديمقراطي الأسبوع الماضي: «من هو باراك أوباما الأصلي؟ نحن لا نعرف ذلك». ولاحظ أن أوباما لم يكن طرفا في أية «معارك تغييرية» حيث قد يتسبب في إغضاب مجاميع من حزبه. وأضاف: «إذا كان سجل تصويته في الماضي يعكس أوباما الحقيقي فإنه لن يكون هناك عمل ثنائي يجمع الحزبين».

التصويت لأي مرشح هو دائما نوع من الإيمان، الإيمان بأنه سيمنح تفويضا يمكنه من تجاوز حدوده وحدود حزبه. وعلم رونالد ريغان البلد ما تعنيه قدرة الفرد على التواصل ذي المستوى العالمي في خلق فضاء سياسي جديد يتحدى التقييمات السابقة.

لم يقل أي شخص ـ مع مراقبة أوباما وهو يتقدم ـ إنه من المستحيل أن يكون شخصا موحِّدا، أنا أتمنى فقط لو أن هناك أدلة أكثر على تحقق إمكانية كهذه.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ

خاص بـ«الشرق الأوسط»