وكيل وزارة الصحة وتهمة قتل الناس

TT

هذه واحدة من أغرب القصص التي يمكن ان تروى في التاريخ. شخص اسمه حاكم عباس الزاملي، يشغل منصب وكيل وزارة الصحة العراقية، اعتقلته قبل عام قوات اميركية وعراقية بتهمة تورطه في عمليات قتل طائفية ضد السنة، وقيل إن أحد مساعديه تآمر ايضا ضد رئيس الحكومة.

أمر يعجز أي إنسان أن يتخيله.. أن يكون المسؤول عن علاج الناس في واحد من اهم المناصب الحكومية متورطا في قتل المصابين والمرضى. كتبت عنه وسائل الإعلام العراقية الكثير، منها أنه كان «يرأس أكبر مليشيا للتصفيات، وأنه قام بتصفية الكثير من الأطباء والمواطنين العزل وجرهم وإعدامهم في مدينة الصدر، ويقوم بمنح رواتب من خزينة وزارة الصحة الى مليشياته». واتهمته أيضا أنه «قام بوضع قناصين فوق مستشفى مدينة الطب لقتل المواطنين العزل الذين يأتون لتسلم جثث أهاليهم من خلال وضع شخص يعطي احداثيات عبر الهاتف من امام الطب العدلي».

لكن المحكمة برأته من كل التهم، مع أن وسائل الإعلام تقول إن الشهود ضده تراجعوا أو غابوا أو خافوا فغيّروا شهاداتهم. وكانت بعض الشهادات في المحكمة تختلف عن الشهادات المكتوبة، الى حد أن شاهدا قال للقاضي مبررا تغيير شهادته إنه كان مرهقا بسبب صيام رمضان!

ما لم ير العالم أن الحكومة العراقية جادة في محاسبة الذين قاموا بعمليات قتل طائفي مرعبة في السنتين الماضيتين فإن أحدا لن يأخذها على محمل الجد. وقد سمعت التذمر في العديد من المناسبات من ان حكومة المالكي تريد اعتراف دول الجوار بها لكنها لا تقدم الدليل الأكيد على انها حكومة نزيهة. وبدون أن تثبت هذه الجدية فعلى أي أساس نتعامل معها، ولماذا؟ لا يوجد سبب منطقي واحد للتعاون معها.

ومع أن المسؤول العراقي المتهم بالقتل ليس منتسبا لحزب المالكي بل محسوب على خصومه في التيار الصدري إلا أن التهاون في قضايا كبيرة كهذه أخذت بعدا عالميا، يعطي مؤشرا إما على عجز الحكومة او استعدادها للمساومة على حساب الحقيقة وحقوق المواطنين. كيف لرجل في مثل هذا المنصب أن يمر بمحاكمة بمثل هذه السهولة التي جعلت المتهم يخرج منها دون تمحيص بما يؤكد براءته او إجرامه؟ ولو كانت المحاكمة تحظى بما يكفي من المراقبين والحماية لأعطت النظام شهادة المصداقية التي يحتاج إليها داخليا وخارجيا لكنها محاكمة جرت في ظروف مثيرة للجدل.

هناك العديد من الذين يريدون أن يساعدوا النظام العراقي الجديد.. يساعدوه على الاستقرار الداخلي والوئام الطائفي والخروج من الأزمة، لكن على النظام أن يقنعهم بأنه جاد في أنه يمثل كل العراقيين لا حزب الرئيس او فئة واحدة من الناس.

[email protected]