أبيي: المذبحة القادمة في أفريقيا!

TT

يحيط هذه البلدة الصغيرة المتربة رجال ميليشيا الجنجويد العرب المدعومون من قبل الحكومة السودانية حيث تدفع لهم رواتب كي يقوموا بالنيابة عنها بالعمل السيئ.

لكن هذه البلدة هي ليست دارفور التي يلعب الجنجويد فيها دورا مركزيا في أعمال الإبادة الجماعية التي أدت إلى قتل مئات الألوف من السكان. بل هي بلدة أبيي الواقعة عند حافة الجنوب السوداني في منطقة يفترض أن تكون في حالة سلام.

خلال الثمانينات والتسعينات كانت هذه المنطقة هي المكان الذي أتقنت الحكومة فيه الممارسات البشعة التي طبِّقت لاحقا في دارفور على يد الميليشيات المسلحة وهذا من أجل دفع المدنيين كي يغادروا منازلهم. والآن يبدو أن الحكومة تريد إعادة تطبيق هذا الأسلوب في أبيي وأجزاء من الجنوب.

ومع انشغال الاهتمام العالمي بدارفور والسباق الرئاسي الأميركي راحت الحكومة السودانية تتخلى تدريجيا عن معاهدة السلام التي تم توقيعها عام 2005 والتي أنهت الحرب بين الشمال والجنوب في السودان. وإذا اندلعت الحرب مثلما يتوقع الكثير من الخبراء فإن نقطة الاشتعال ستكون ربما أبيي، حيث تستخرج الحكومة النفط من منابع وآبار ترفض أن تتخلى عنها.

منذ نوفمبر الماضي بدأت المصادمات تتكرر في منطقة أبيي بين قوات الجنوب المسلحة مع أكبر قبيلة من البدو العرب المعروفة باسم المسيرية المسلحة والتي تدعمها الحكومة في الخرطوم. وقال جوزيف دوت باغوت رئيس الإدارة الحكومية لمنطقة أبيي بالوكالة إن عدة مئات من الأشخاص قتلوا في هذه المواجهات.

وفي السابع من فبراير أطلق مسلحون من المسيرية النار على باص وصل الى منطقة أبيي ونهبوه وبدأوا إغلاق الطريق الذي يؤدي الى المدينة من ناحية الشمال. وقد أعاق ذلك التجهيزات ولهذا فان المحلات في سوق المدينة كانت تفتقر الى الوقود والغذاء، بينما ترتفع الأسعار.

وقال جيسون ماتيوس المسؤول في الأمم المتحدة في أبيي ان «الوضع يصل الى مرحلة حرجة بالنسبة للفقراء».

وعينت جماعة من المسيرية مسؤولين لإقامة حكومة خاصة بهم لمنطقة أبيي وهددوا بالسير بآلاف من الرجال المسلحين لتحقيق ذلك. وهذه هي بالضبط تقريبا الطريقة التي اتبعها الرئيس عمر البشير في دارفور: تسليح الجنجويد وإطلاقهم ضد السكان الأفارقة السود ثم رفض المذبحة باعتبارها «نزاعا عشائريا».

وقال باغوت انه جرى تحشيد أفراد المليشيا البالغ عددهم 16 ألفا على الجانب الشمالي من أبيي مدعومين بعدد من الدبابات والشاحنات التي تحمل المدافع والمستعدة للقيام بالغزو. لم تطلق عليهم تسمية الجنجويد ولكن الفكرة هي نفسها.

وقد سعى بعض المسؤولين المحليين ووجهاء المسيرية ببطولة من اجل منع العنف ولكن الصحف التي تسيطر عليها الدولة في الخرطوم نشرت تقارير عن هجمات ضد العرب مما أدى الى اشعال التوترات.

وفي اتفاق السلام عام 2005 الذي انهى 20 عاما من الحرب بين شمال السودان وجنوبه اتفق الطرفان على قبول «الحكم النهائي» للجنة حدود أبيي. ولكن الرئيس البشير رفض النتائج لأنها ستعني التخلي عن آبار نفطية.

* خدمة «نيويورك تايمز»