3 ملاحظات تبحث عن إطار

TT

إذا لم تكن قد اقتنعت بعد بأنه كون عجيب، أرجو أن تمهلني أعرض على جنابك، بكل تواضع، ملاحظات الأيام العشرة الأخيرة.

الملاحظة الأولى: يفوز المرشح الشيوعي برئاسة قبرص بعدما كان قد خرج من السباق، في الدورة الأولى، الرئيس الحاكم. أما لماذا يفاجئنا أن يفوز رئيس شيوعي بعد عقدين على سقوط الرفيق لينين في موسكو؟، فلأن هذه الجزيرة يا مولاي، واقعة في قلب الشرق الأوسط الغالي، وعلى بُعد 120 ميلا عن لبنان الذي دخل الجلسة الخامسة عشرة من جلسات «انتخاب» الرئيس. دون أن تفتح جلسة واحدة.

الملاحظة الثانية: يصل شيوعي إلى رئاسة قبرص بالاقتراع، فيما، في جزيرة أخرى تدعى كوبا، يتنازل «قائد الثورة» عن الحكم من المستشفى، بثياب «أديداس» الرياضية، لشقيقه راوول، بعد 49 عاماً من السلطة المطلقة.

الملاحظة الثالثة: الشيوعي السابق فلاديمير بوتين يقرر أن يطبق الدستور فيعرض عن الترشح لرئاسة الجمهورية. لكنه يرشح صديقه ميدفيديف، وهذا أمر طبيعي. لكن مفاجأة الرفيق بوتين أنه سوف يصبح رئيساً للوزراء في جمهورية ميدفيديف.

فيدل، كان أكثر صراحة ومباشرة: بعد نصف قرن من «الثورة» يتنازل لراوول.

وقد ردّ قارئ عزيز على ما كتبت في الأمر معدداً سعادات كوبا في ظل فيدل: السيارات القديمة. رقصة الصالصا. الطبابة. وأشياء كثيرة أخرى. ومثل أي عربي خجل القارئ الكريم أن يذكر شيئاً عن شيء يدعى الحرية. كثير من الصالصا ولا حرية.

لكن الخوف ليس الآن. الخوف الحقيقي هو ما سيحدث لكوبا بعد كاسترو. عندما يهجم الحل الأميركي تتقدمه جحافل الهامبرغر وشركات الحيتان ويعاد فتح الكازينوهات التي كانت قائمة أيام باتيستا وتعبر المافيا بحراً وجواً ويفقد فقراء كوبا، أي جميع الناس إلا المحظيين، الفقر الآيديولوجي ليصبحوا ضحية الفقر الكاسح الفظ والكاسر. من باتيستا إلى كاسترو إلى باتيستا آخر، لأن كوبا لم تعط، مثل قبرص، حرية الخيار منذ البداية. قاتل القبارصة الإنجليز من أجل الاستقلال وما زالوا ينتخبون شيوعياً نكاية بالإمبريالية. لكنهم يستقبلون السياح الإنجليز بالملايين ويبيعونهم الشقق والفيلات والأراضي. ويتمتعون معهم بالارتفاع الهائل في سعر الإسترليني.