لماذا أوباما؟

TT

العالم كله اليوم يتابع عن كثب مسار الانتخابات الرئاسية الأميركية والحملات الدعائية الشرسة التي يديرها المتنافسون وهي تستنزف ما لا يقل عن ثمانين بالمائة من ميزانية أي مرشح.

لقد تجاوز المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية باراك أوباما حدود كونه مرشحاً أميركياً ليكون مرشحاً تتطلع إليه أوساط ليبرالية غربية وأوروبية وحتى إسلامية وعربية رغم محاولاته الحثيثة نفي أي ارتباط له بالإسلام.

لا شك أن الجاذبية الواسعة التي يحظى بها باراك أوباما ترتكز على كونه مرشحا شابا تقوم الكاريزما الخاصة به على جذوره السوداء. وهو بنى خطابه الانتخابي ليس على عامل الخبرة بقدر ما تحدث عن الحلم والوعد بتخطي قضية العرق في أميركا والسعي نحو شفاء فعلي للمجتمع الأميركي وتحسين صورة أميركا في العالم. جوبه أوباما بحملات شرسة، خصوصاً من منافسته هيلاري كلينتون التي أصابها تقدم منافسها باهتزاز عصبي قوي دفعها لإشهار سلاح الرهاب من الإسلام ومعاداة السامية في وجهه حتى بات هذان العنوانان في صلب حملاتها الدعائية ضد منافسها. ويبدو أن مجابهة أي مرشح أميركي بهذين الأمرين لا يزال سلاحاً ضاغطاً وهو ما برز في ردود أوباما. لقد أضاع المرشح الذي يثير آمالا ليس فقط لدى الأميركيين بالتغيير فرصة رد ملائم على ما أثارته حملة منافسته هيلاري بنشر صورة لأوباما وهو يرتدي عمامة. لقد سارع أوباما للتنصل من تبعات الصورة ولم يجرؤ على استخدامها كنوع من الدعاية المضادة للتخفيف من حدة الإسلاموفوبيا المستشرية في أميركا والعالم. لقد أنكرت هيلاري كلينتون تسريبها لتلك الصورة، بينما قال مدير حملتها: إنها حتى وإن كانت قد فعلت ذلك فإن الأمر بسيط، حيث إن كلينتون نفسها لبست الملابس التقليدية للبلدان التي زارتها وصورها تلك منشورة على نطاق واسع. ما اعتبرت بأنها «فضيحة» العمامة ليست سوى جزء مما أصبح يعرف بالرهاب من الإسلام الذي يشمل كل شيء بدءاً بالتركيز على الجزء الثاني من اسم أوباما «حسين». فحملة التلويح بأن الرجل تعلم في مدرسة إسلامية أصولية بإندونيسيا وبأنه أقسم على القرآن، بدت بمثابة انحدار كبير في الخطاب الإعلامي والدعائي وهو ما حدا ببعض المعلقين للتهكم بالقول: إن الأمر قد يصل بمستشاري هيلاري والمرشح الجمهوري جون ماكين إلى اتهام أوباما بأنه سيوصل مكبرات صوت بالبيت الأبيض للأذان. حتى الآن لا تزال حملة أوباما ترد بطريقة عنيفة على أي شيء يشكك في العقيدة المسيحية وبالتزامه بأمن اسرائيل وبالعلاقة مع اليهود. لا شك أن خصوصية أوباما من بين سائر المرشحين الأميركيين، تتمثل في كونه الوحيد الذي عاش في إندونيسيا والوحيد الذي لديه جذور افريقية. لذا على أوباما ربما أن يكون أكثر من مجرد ضحية لهذه الحملة العنصرية التي تستهدفه، وأن يستخدمها كبداية لتغيير فعلي هو أكثر الوعود جاذبية في حملته الانتخابية.

diana@ asharqalawsat.com