حرب العراق.. التكلفة المروّعة

TT

نسمع الكثير عن برنامج Saturday Night Live والمتعة التي يعرضها بشأن السباق الرئاسي. ولكن لم نسمع همسة حول جلسة استماع الكونغرس بواشنطن الأسبوع الماضي حول موضوع كان له ان يستمد، بكل مبالغته المأساوية، من مسرح اللامعقول.

فالحرب في العراق ستكلف، في خاتمة المطاف، دافعي الضرائب الأميركيين، لا مئات مليارات الدولارات، وإنما تريليوني دولار وربما أكثر. ولم يكن هناك الكثير في طريق الحديث العام، حتى في الحملات الانتخابية، حول عواقب هذه التكاليف التي تشبه السرطان في جسد الاقتصاد الأميركي.

وفي يوم الخميس الماضي أجرت اللجنة الاقتصادية المشتركة التي يترأسها السناتور تشوك شومر تدقيقا علنيا لتكاليف الحرب. وكان بين الشهود الاقتصادي الحائز جائزة نوبل جوزيف ستيغليتز (الذي يعتقد أن التكلفة الاجمالية للحرب، وليس ما يصيب دافعي الضرائب فحسب، ستصل الى ثلاثة تريليونات دولار)، وروبرت هورماتس نائب رئيس غولدمان ساكس انترناشينال.

وتحدث كلا الرجلين عن فرص كبيرة ضاعت بسبب الأموال التي انفقت على الحرب. وقال ستيغلتز انه «بجزء من تكلفة هذه الحرب كان بوسعنا أن نضع الضمان الاجتماعي على أساس متين لنصف القرن المقبل او يزيد». وذكر هورماتس الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية قائلا انه كان يمكن وضع الاثنين «على أساس أكثر متانة». واستشهد بحسابات اللجنة من الخريف الماضي التي أظهرت بأن الأموال التي انفقت على الحرب كل يوم، يمكن أن تماثل تسجيل 58 ألف طفل في هيد ستارت لمدة سنة، أو جعل سنة دراسية في الكلية متيسرة لـ160 ألف طالب من الطلاب ذوي الدخل المنخفض عبر بيل غرانتس، أو دفع الرواتب السنوية لما يقرب من 11 ألف موظف اضافي في حرس الحدود أو 14 الف شرطي اضافي. اما ما حصلنا عليه بدلا من ذلك فهو الكوابيس. وظل ستيغلز، الأستاذ في جامعة كولومبيا، يعمل مع زميلته في هارفاد ليندا بيلمس لتوثيق بعض تكاليف الحرب الأقل وضوحا من بين مهمات أخرى. وتشتمل هذه على التعهد بتوفير الرعاية الصحية وإعانات الاعاقة للمحاربين العائدين. وستكون تلك التكاليف معنا لفترة عقود من الزمن. وأشار ستيغلز الى أن ما يقرب من 40 في المائة من القوات البالغ عددها 700 ألف فرد من حرب الخليج الأولى، التي استمرت شهرا واحدا فقط، باتوا مؤهلين للحصول على اعانات الاعاقة. أما الحرب الحالية فإنها تصل الى خمس سنوات. وحاولت ادارة بوش بذل كل ما بوسعها لإخفاء التكاليف المروعة للحرب. فقد تفادت عملية الميزانية المألوفة، ومولت الحرب كلية تقريبا عبر مخصصات «طوارئ» تتلقى قدرا أقل من التدقيق. وقال ستيغلتز الذي ألف كتابا جديدا مع بيلمس عنوانه «حرب الثلاثة تريليونات» انه تعين عليهما الذهاب الى جماعات المحاربين، الذين تعين عليهم بالمقابل اللجوء الى قانون حرية المعلومات، ليكتشفا كم من الأميركيين جرحوا في العراق. وعالج ستيغلتز وهورماتس تهور شن حرب في الوقت ذاته حيث تخفض الحكومة الضرائب وتزيد بصورة حادة الانفاق غير المرتبط بالحرب.

وقد جرى الاستشهاد ببعض الرؤساء السابقين، مثل واشنطن وفرانكلين روزفلت وترومان وايزنهاور، في جلسة الاستماع بشأن الحاجة الى المساءلة والتضحية المشتركة في زمن الحرب. ولكن هذا هو القرن الحادي والعشرون. وذلك الخطاب القديم يصعب توقع أن ينافس اهتمام وسائل الاعلام، حتى في زمن الحرب، مع المتعة التي يوفرها البرنامج التلفزيوني Saturday Night Live.

إنه عصر جديد.

* خدمة «نيويورك تايمز»